زيارة النعمة .. بعين الواقع

ثلاثاء, 05/03/2016 - 16:57
عثمان جدو

ما إن تم تحديد يوم الثالث مايو الجاري موعدا لزيارة رئيس البلاد لمدينة النعمة ؛ أقصى عواصم ولايات الوطن وأبعدها من العاصمة ؛ حتى شمر أقطاب السياسة وأصحاب النفوذ -في الموالاة- عن سواعدهم وكشروا -كل من موقعه- عن أنيابهم .. 
 

لقد تنافس المتنافسون في إظهار الولاء للرئيس ودعمه بإظهار حجم قواعدهم الانتخابية ومدى استجابتها لدعوة الحضور والمؤازرة ومستوى الالتفاف حول الرئيس ؛ ونسوا في سبيل ذلك المشاكل والهموم وتحدوا حر السموم ..

وبالرغم من وحدة الهدف تجاه زيارة الرئيس فإن أصحاب الحظوة والنفوذ في السياسة سلكوا مسالك مختلفة وانتهجوا مناهج متباينة .. فمنهم الساعي بالجهد الجهيد ومنهم المقتدي لمنهم أعلى منه شأنا وأرسخ قدما في السياسة بالتحديد ومنهم المنعزل بالتشييد حبا لإظهار القدر والمكانة أو الاستزادة في التأييد .. ومنهم من آثر الابتعاد والتحييد وإن كان ذكره حاضرا مع البناء والتجديد ومناصروه فاقوا كل عدد وعديد..

إن الناظر بعين الواقع لن يخطئ بعينه ما تقدم وإن كان الأهم في كل الحكاية -حسب المتتبعين من الموالاة- هو حجم الالتفاف الشعبي حول الرئيس ؛وإن اختلفت الدروب وتشعبت المسالك وتباينت الأحجام .. المهم هو التلاقي حول الهدف الأسمى للزيارة ؛ ولا فرق في إثبات الولاء -ظاهرا على الأقل- بين الأسد والنعامة ولا بين الغزال والحرباء .. إذ المطلوب هو الالتفاف الشعبي والمناصرة وما سيعلن عنه بعد ذلك من طرف الرئيس لصالح المواطنين وما سيستفيدون من خدماته عاجلا أو آجلا .

إن من أهم المشاريع التي ينتظر المواطن الإعلان عنها أو تدشينها أو التفصيل حول تقدم الأشغال فيها أو مباركة ولوجها للخدمة .. بحيرة "اظهر" المشروع العملاق ؛ الذي يعول عليه في تزويد المنطقة والمناطق المجاورة بالماء الشروب .. وقد تجاوز مراحل متقدمة :
-المرحلة الأولى وهي: (24) بئر في حقلين مختلفين بطاقة إجمالية تصل 56 ألف متر مكعب لليوم .
-المرحلة الثانية والتي هي قيد الإنجاز وستنتهي قريبا شبكات التوزيع والنقل لصالح المدن والقرى في الحوض الشرقي ولعل ابرزها :النعمة ،تمبدغة ،عدل بكرو، آشميم ،حاسي أتيلة ،بنجو .
المرحلة الثالة : إنشاء الخزان الرئيسي.

ومن هذه المشاريع أيضا مصنع الألبان الذي من شأن ولوجه للخدمة أن يحدث انتعاشا اقتصاديا في المنطقة خصوصا وفي البلاد عموما؛ ومن شأنه أيضا تثبيت الساكنة وتوفير فرص عمل محلية ، ويتميز مصنع الألبان هذا بوجود وحدة مركزية وثلاث مراكز للتجميع وبقدرة إنتاجية تصل إلى 30 ألف لتر يوميا كما تبلغ القدرة الإنتاجية لكل مركز من مراكز التجميع الثلاثة 10 آلاف لتر يوميا ، وتضم خطوط الإنتاج ؛ خطا لإنتاج الحليب طويل الأمد بقدرة إنتاجية يومية تصل إلى 30ألف لتر يتم تعليبها في علب بسعة 500 مللتر و 250 مللتر، وخط إنتاج الحليب المبستر بقدرة إنتاجية يومية تصل إلى 9000 لتر، وخطوط لإنتاج اللبن الرائب والزبادي والزبدة.

وكذلك مشروع تطوير الأنظمة الكهربائية في المنطقة الشرقية والذي تنجزه وزارة البترول والطاقة والمعادن ، ويدخل في إطار تطوير القطب التنموي والذي يعتبر من أكبر المشاريع التي سيتم العمل عليها من أجل ضمان أكبر تغطية ؛ والذي يشمل بناء محطة هجينة بالنعمة مجهزة بخمسة مولدات تعمل بالوقود الثقيل مجموع طاقتها 4000 كيلو وات ونركيب 3000 لوح شمسي كهروضوئي بطاقة 780 كيلو وات ،وبناء محطة هجينة في عدل بكرو مجهزة بثلاث مولدات تعمل بالوقود الثقيل مجموع طاقتها 1500كيلو وات وتركيب 2000 لوح شمسي كهرو ضوئي بطاقة 520 كيلو وات ، وهناك صفقات في مرحلة التقييم؛ تضمن إنجاز 630 كلم من خطوط 33 كيلو فولت ؛ و200 كلم من شبكات الجهد المنخفض بالإضافة إلى الإنارة العمومية على المحاور التالية :
-محور النعمة -انبيكت لحواش والنعمة آمرج
-محور آمرج عدل بكرو وعدل بكرو -بوغلة
-محور النعمة - تمبدغة والعيون - ادويرارة.
ويمول المشروع من قبل الدولة الموريتانية والصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي.

بالإضافة إلى ما تقدم؛ يعد فحوى خطاب الرئيس والنقاط التي سيتطرق لها ؛ أهم منتظر في هذا الحدث ، وهل سيتحدث عن الدستور أم أنه يعتبر الحديث عن هذا الموضوع نوع من اللهو المعاد ؛ إذ سبق له وأن ذكر وقوفه عند قسمه وبره بذلك وأن لا نية له في الترشح ؛ وحدثت في النعمة هذه الأيام شواهد تثبت حسن النية حيال ذلك ؛ منها مثالا إزالة اللافتة التي كانت تدعو إلى مأمورية ثالثة ، وكذلك عدم خوض الشخصيات المهابة سياسيا في هذا الموضوع .. 

إن مما يتطلع إليه في هذه الزيارة أن تكون هناك قرارات وإعلانات جديدة تهم المواطن في حياته اليومية وتطهر مخيلته من التشويش والإرجاف ؛ الذي اجتهد في إذاعته مروجوه وغذوه بالأباطيل -حسب الوالاة- وروجوا له ونسجوا حوله أحلام يقظة ايقظت تداول أشياء هجرها نقاش الصالونات والملاهي السياسية..

لم يخلو المشهد من ذكر أو حضور أسماء معارضة ناصحة -بزعم النظام- تتلاقى معه في القضايا الوطنية الجامعة حين يتقاعس آخرون ، ولعل أبرز مذكور في هذا المجال الزعيم "بيجل" 

هناك ترقب كبير لتجديد الرئيس لدعوته للحوار وإبداء الاستعداد لتقديم تنازلات جدية وملموسة .

ترى هل سيطمئن الرئيس المتشائمين بشأن الدستور ؟
أم أنه لن يخوض في الموضوع لبره بقسمه أو لعدم إعطائه زخما للدعوات المغرضة ؟

أم أنه سيترك الكرة كما كانت في ملعب المواطنين مصدر الحكم وأصحاب السيادة والقرار ومنبع قدسية الدستور وسر تنشيط ونجميد مواده؟ .