شل المفسدين أكثر استعجالا من سن القوانين

جمعة, 03/25/2016 - 20:48
الولي ولد سيدي هيبه

"إن الفساد هو الفاحشة الكبرى ..الفساد لا يفلح أمة .. وهو مرض يجب استئصاله وبتره لأنه معد ولا يجوز السكوت عليه .. وعلينا أن نعالج الفساد ونمنعه لأننا لا نريد أن يكون بيننا مريض بهذا الوباء الذي يلطخ الدولة ككل ويلوثها" الشيخ زايد بن سلطان

لا خلاف مطلقا على وجوب محاربة الفساد بكافة أشكاله، والحد من انتشاره من مقومات الإصلاح الأولى، لأن انتشار الفساد في الدولة يعتبر على رأس موانع بنائها و اتصافها بالنظام و العدل و المواطنة و قيام الديمقراطية فيها و ذيوع قيمها النبيلةبين أفراد الأمة معنى و إدراكا و  عملا و تجسيدا.

و إذا كان الفساد هو إساءةُ و استخدامُ المفسدِ للسلطة الرسمية الممنوحة له سواء في مجال تسيير المال العام أو إفراط المسؤولية و السلطة و النفوذ، أو التهاون في تطبيق النظام و المحاباة وكل ما يضر المصلحة العامة بترجيح المصلحة الأنانية فإن لانتشاره أسبابا:

·        سياسية تتمثل في ضعف أو غياب مؤسسات المجتمع المدني و بعد تطبيق النظام و عدم الشفافية و تبيين حقوق الأفراد وواجباتهم، ما لهم وما عليهم.

·        و اجتماعية من سلوك و عادات و تقاليد و موروثات اجتماعية و ما يحدث في المجتمع من اضطرابات و كوارث وأزمات تترك آثار مدمرة في المجتمع كالفقر و الحاجة واحياناً سلوك ينافي مبادئ المجتمع الصالح .

·        و اقتصادية يمر بها المجتمع نتيجة للنزاعات و الحروب والصراعات والكساد والحصار الاقتصادي من بعض السياسات الدولية وارتفاع تكاليف المعيشة و تؤدي كلها إلى ممارسة الفساد الإداري والمالي .

·        و ضعف الوازع الديني والانصياع لشهوات النفس الأمارة بالسوء و اتباع سلوك "الغاية تبرر الوسيلة".

و بالطبع فإن للفساد مظاهرا كثيرة ومتباينة الخطورة ومتعددة أشكال كـ:

 • الرشوة و  إبعاد أو إقصاء الكفاءات المؤهلة، و كالمحسوبية والتكسب و المحاباة و استغلال الممتلكات العامة و الواسطة على حساب الآخرين، و إساءة استخدام السلطة الرسمية و استغلال النفوذ و عدم المحافظة على أوقات الدوام الرسمي و الاستيلاء على المال العام و الابتزاز و عدم وضع الشخص المناسب في المكان المناسب والتهاون في تطبيق النظم والتشريعات أو تطبيق البعض منها دون الآخر.

وللقضاء على الفساد يجب على أفراد المجتمع التعاون على محاربة شتى صوره وأشكاله بالالتزام  الديني و الأخلاقي و الوطني و الإنساني و أن يساهم الجميع في تعرية مظاهره التي تهدد بانهيار الدولة و فساد المجتمع و قد توسعت بشكل غير مسبوق وأضرت و قتلت وروح المواطنة الهشة أصلا لدى مواطني البلد.

ومن الطرق التي يمكن تفعيلها و وضعها قيد المعالجة بصرامة التنفيذ:

·        إنشاء محكمة وطنية لمعاقبة المفسدين و استرجاع أمول الدولة و الشعب التي استولوا عليها بغير وجه حق في غياب للوازعين الوطني و الديني،

·        التطبيق الفعلي للاستراتيجيات التي أقرت نظريا والتشريعات والقوانين التي سنت و مواثيق الشفافية التي وضعت و وقعت، و تنفيذ الجزاءات الصارمة في حق المخالفين أينما ثقفوا من جسم الدولة.

·        التحسيس الدائم و التوعية المثلى للموظفين بهذه الظاهرة الخطيرة وتداعياتها وآثارها السلبية على الدولة و تأثيراتها الخطيرة على المجتمع و تدميرها لأخلاقياتهم و إخلالها بأدوارهم من ناحية، و ضرورة إخبارهم عن حالات الفساد في دوائرهم من ناحية أخرى،

·        العمل بمبدأ مكافأة الذين يمتنعون عن الرشوة و يقومون بالتبليغ عن حالات الفساد بشتى أنواعه و في كل مستوياته و درجاته بعيدا عن البلاغات و الشكاوى الكيدية،

·        تطبيق العقوبات و الإجراءات الجزائية الرادعة التي تناسب كل حالات الفساد حتى تمنع أو على الأقل تحد من ظهوره مره ثانية،

·        العمل على تحسين الظروف المعيشية للموظفين من خلال إيجاد كادر وظيفي ملائم لكل فئة و يناسب وضعها الاجتماعي و الأسري تماشيا مع الظروف المعيشية العامة للبلد،

·        الإعلان عن كل حالات الفساد التي يتم اكتشافها و عن الإجراءات العقابية التي يتم اتخاذها حيالها وتعميمها على الدوائر الحكومية لتحصل العبرة لغير مرتكبيها،

·        وضع الشخص المناسب في المكان المناسب باعتماد الكفاءة بعيدا عن الوساطة والمحسوبية.

·        العمل بنظام تقويم أداء الموظفين واعتماده أساسا للترقية وتقلد المناصب،

·         العمل بقسم الحفاظ على الأمانة للموظفين الذين لديهم ذمة مالية أو الذين يشغلون وظائف قيادية للمحافظة على المال العام وعدم استغلاله لتحقيق مآرب شخصية وكذلك لعدم استغلال النفوذ وإساءة استخدام السلطة.

و لا بد لمحاكمة المفسدين أن تكون فورية حتى لا يظل التيه مفتوحا على استحالة مساءلتهم و الاقتصاص منهم و أن لا يبقى قائما بين التنظير لمكافحة الفساد الذي يخنق البلاد منذ ما يربو على أربعة عقود و عدم كف مدمنيه في أستار بروجهم العالية عن امتصاص مقدرات البلد و تركيع الدولة و تجويع الشعب و محتمين بذلك ظلما و جورا وراء ما يتيحه في الواقع المرير ضعف الوعي لدى المواطن و رسوخ اعتبارات الرجعية و الاستقواء  بمضامين الماضي التسلطية و عقليات استباحة كل شيء بالسطو و القوة رغم التستر تحايلا وراء المظاهر الدينية الناعمة و المساطر الأخلاقية الشجية.