دفاعا عن الاسلام الصحيح

ثلاثاء, 10/11/2022 - 20:08

حدث جلل ، و الاحتفال به اخلاص و تقدير و محبة لسيد الخلق ، يقول تعالي : " من جاء بالحسنة فله خير منها " و المراد بالحسنة كل ما يقوله او يفعله المسلم من قول طيب و من عمل صالح , أي أن من أتى بالجديد الصالح قولا و عملا فله خير و نص الآية واضح و صريح , فالمسلم مطالب بالمجيئ بالحسنات ليتلقي المزيد من الخير , فأين المشكل اذا اعتبر الاحتفال بالمولد أحد هذه الحسنات ؟

 

وقد جاء في الحديث الشريف : " ..من سن سنة حسنة ..  "  أول أحدهم هذا الحديث بقوله أن القصد هو من أحيا سنة حسنة و هو تأويل خاطئ واعتراض بواح علي الآية " من جاء بالحسنة " ثم ان رسول الله صلي الله عليه و سلم يعي تماما ما يقول و قد أوتي جوامع الكلم و علم الفصل في القول ، فلم يقل : من أحيا ، بل قال : من سن سنة حسنة ، بمعني من جاء بسنة حسنة , جديدا مستحدثا لكن مقيدا بثوابت الشرع التي لا يغيرها الزمان و المكان ، وهذا دليل قطعي أن الاسلام فيه جديد و تجديد و فسحة واسعة تركها الرحمن لنا رحمة بنا، مخطئ من يرفضها او يحاول طمسها والتدليس علي الناس و التضييق عليهم و منعهم منها .

 

و أما الخطوط الحمراء فتظل كما هي ممنوعات , سوآءا تعلق الأمر بعيد الأضحى او عيد الفطر او أي عيد  و لكن دأب بعض الفقهاء " المتفيقهين " علي  ربط تلك المحظورات باحتفالات المولد وحده ، تماما كربطهم حديث " لا تشد الرحال  " بزيارة قبر رسول الله صلي الله عليه و سلم و هو ربط لا معني له ، لا من حيث اللغة و لا من حيث المعنى ، اذ لا ذكر للقبور في الحديث ، تشدد و غلو و تبديع و دعوة لتحويل حياة الناس الي جحيم من البدع ، ثقافة يراد لها أن تسود لكن يأبى الله عن ذلك و يأبي الا ان يظل دينه سمحا ، واسعا غير ضيق ، يسيرا ميسرا مبشرا لا منفرا ، أعياد وافراح و مسرات ، فهنيئا مريئا ، و لا ضير ما تقيدت كلها بضوابط الشرع وبالقاعدة

العامة التي تشمل عيد الاضحي و عيد الفطر و كل فرح و احتفال و عيد , ألا وهي أنه : لا اختلاط , لا فسوق , لا فجور , لا تنابز بالالفاظ و الالقاب , لا اسراف , لا تبذير , لا سيئ الاخلاق  .

 

البدعة ضلالة و الضلالة في الناروهذا كلام المصطفي صلي الله عليه و سلم و هو لا ينطق عن الهوى , قانون و قاعدة ثابتة , لكن المقصود بها هو الابتداع و البدعة في أمور الدين  لا في امورالحياة الاخرى و الا , فما حكم الاحتفالات المخلدة لعيد الاستقلال و غيره من الاعياد , فما تصنيف هذه الاعياد فهل هي جائزة , حرام , بدعة ؟

فعيب كل عيب القول بان المولد بدعة ، فالبدعة ضلالة ، فهل مدح رسول الله صلي الله عليه و سلم و كثرة الصلاة عليه و ضرب الدف والزغاريد و الاحتفالات و المدائح  في جهة و في جهة اخرى تلاوة القرآن و التذكير بشمائل المصطفي صلي الله عليه و سلم و التكبير و التسبيح و تبادل الزيارات و الهدايا و التجمعات التي لا فجور فيها ولا اختلاط ، فهل يعقل ان يصنف كل هذا ضلالا, فاين عقولكم؟ و كيف تعتبرونها غيرة علي الدين؟

 

حجج باطلة في عدم جواز احتفالات المولد : أن الصحابة لم يفعلوه , وهذه قاعدة فقهية دخيلة علي الاسلام وليست من قواعد أصول الشرع , فليس كل ما لم يفعله الصحابة ممنوع علينا وهذا طبعا لا ينقص شيئا من أفضلية الصحابة و تصدر منزلتهم علينا فهم " السابقو السابقون أولئك المقربون " و لكنهم خلقوا  لزمان  و خلقنا  نحن لزمان آخر اليوم يحتفل الناس بعيد الشجرة و عيد الام و عيد الطفل و عيد الاستقلال  و عيد الكرسي و عيد الجلوس و عيد الوقوف وعيد الوحدة وعيد مرور كذا سنة  وأعياد بالمئات , وهو شيئ  طبيعي , شعوب وحركة تاريخ ولا غرابة أن تكون  لهم أيام  وافراح و أعياد , والاسلام لم يأتي ليعكرعلي الناس صفو حياتهم فيمعنهم من التمتع بافراحهم و احتفالاتهم , فالقاعدة السليمة التي تحكم الصحابة و تحكمنا هي التقيد بشرع الله , و اما حجتهم الثانية و ان اول من احتفل بالمولد هم الفاطميون او غيرهم  ثم جدد الاحتفالات النصراني نابليون  او غيره , فهي كذلك حجة باطلة لأن الحق أبلج و الصواب يظل صوابا  سواءا جاء من يهودي او نصراني او هندوسي او أيا كان  .

وحجتهم الباطلة الاخرى و أن رسول الله صلي الله عليه و سلم لم يأمرنا بالاحتفال بمولده و لكن في المقابل  فهل نهانا عن فعل ذلك ؟  فالثابت عند كل الامة الاسلامية ان رسول الله صلي الله عليه و سلم امرنا باشياء  و نهانا عن اشياء  و سكت عن اشياء , والمسكوت عنه " بستان فسيح " سمح لنا رسول الله صلي الله عليه و سلم بفضل الله بالتفسح فيه, فلماذا تحجرون علي الناس و تغلقون في وجوههم هذا البستان الجميل ( بستان المسكوت عنه )  .

الحجة الباطلة الأخرى : تاريخ يوم المولد , لا يهم أيا كان فمن المؤكد انه يوم الاثنين  في شهر ربيع الاول قيل انه يوم اثني عشر و قيل غير ذلك , و لكن لا يهم كل ذلك , فالعبرة ليست في التاريخ انما في الحدث الجلل ( ميلاد صفوة الخلق , محمد صلي الله عليه وسلم ) , يقول تعالي علي لسان نبيه عيسي : " و السلام علي يوم ولدت و يوم اموت و يوم ابعث حيا ".

فلا بد من الاعتراف بوجود أيام مميزة و هذا من كنه صحة العقيدة , فالتفاوت و التفاضل حاصل في الزمان و المكان و بين الخلق , لقد ميز الله يوم مولد سيدنا عيسي و خصه بالذكر , مثله كذلك يوم ميلاد النبي محمد صلي الله عليه و سلم و يوم مولد النبي موسي و النبي هارون و نوح  و غيرهم من الانبياء, فهم صفوة خلق الله ولا غرابة ان تكون أيام مولدهم مميزة , و لا غرابة كذلك ان يحتفل الناس و يستبشرون و يفرحون بهذا الحدث الجلل ( ميلاد نبي ).

فعلي الامة الاسلامية الاحتفال بالمولد النبوي و الاحتفال بيوم الهجرة و يوم معركة بدر الكبرى  و يوم القادسية  و يوم فتح بيت المقدس  وكل ايام وبطولات و انتصارات هذه الامة , لتظل عالقة في ذاكرة الاجيال في مواجهة واقع الحال ,و ان شئتم  فأسلوا الاولاد اليوم عن تاريج الهجرة , موقعة بدر , بيعة الرضوان , حجة الوداع , فتح بيت المقدس وأسألوهم عن اللاعب ميسي و رونالدو و فريق مانشستر , وكم راتب يتقاضي هذا و ذاك واسألوهم عن  فيسبوك , واتويتر و ابتلاءات , نسأل الله ان يحفظنا و اياهم منها , اسألوهم ثم قارنوا بين الاجوبة .

وأخيرا فلا أحد يعبد محمدا و لا قبر محمد و لا يوم مولد محمد ، و ليس تقليدا للمسيحيين و لكن تثمينا و تمييزا لحكمة الله في أيام الله ، فيوم الجمعة ليس كبقية الأيام و يوم مولد عيسي و يوم مولد محمد خير الخلق أيام مميزة متميزة ، لا يهمنا تاريخ اليوم و لكن يهمنا الحدث , فلن تسقط السماء علي الأرض ان احتفل الناس بهذا اليوم وخصصوه بأعمال الخير و البر, ومن صحة العقيدة الاعتراف بأن النبي محمد صلي الله عليه و سلم ليس انسانا عاديا فهو يري من قفاه كما يري من امامه وعرقه عطر و خصاله الشريفة الفريدة لا تحصي , فلا ضير في الاعتراف بهذه الخصوصيه و الاحتفال بيوم مولده الشريف.

 

ختاما فنداءا, الي المملكة العربية السعودية الي غينيا كوناكري الي العراق , مصر, الامارات , ماليزيا , قطر, الجزائر, موريتانيا, المغرب ,باكستان ..الي كل بلدان العالم الاسلامي , بانشاء حديقة خاصة تقام فيها طيلة شهر ربيع الاول احتفالات المولد النبوي في القاهرة في الرباط في جاكرتا في باماكو في المدينة المنورة حديقة المولد النبوي بها استراحات للعوائل والأطفال و تقام فيها الحفلات طيلة شهر المولد والمسابقات في حفظ القرآن و السيرة وتقدم فيها الجوائز و يتوافد اليها أهل الاحسان بتوزيع الاموال والانفاق واطعام الناس أسوة بسيد الخلق صلى الله عليه و سلم .

 

 

·        البشير ولد بيا ولد سليمان