عبد الباري عطوان/ اسمحول لنا ان نعترض.. اجواؤنا مستباحة.. واهلنا يذبحون.. كل هذا باسم محاربة “الدولة الاسلامية”..

جمعة, 12/04/2015 - 19:11

...فهل هذه دولة عظمى؟ وهل سنرى قريبا سورية الشرقية واخرى غربية؟ واين الحكام “النواطير” العرب من هذا المخطط؟ وهل اصبح كلهم “محمود عباس″؟

ارضنا العربية باتت مستباحة.. اجواؤنا منتهكة من قبل طائرات من كل الجنسيات، ونتحدى ان يعرف احد عددها.. الدماء العربية والاسلامية الطاهرة تتدفق مثل الشلالات.. شهداؤنا بلا ارقام، ولا اكفان.. لا جنازات ولا معزون.
صواريخ هي الاحدث.. قنابل “ذكية”.. واخرى غبية.. وقوات خاصة امريكية.. واخرى روسية.. وثالثة بريطانية.. ورابعة فرنسية.. الجميع يقتل ويذبح ويقذف بحممه فوق رؤوس اهلنا، ولا احد يحتج او يعارض او يعترض.. وكأن قتل العرب والمسلمين بات حلالا زلالا.. واراضينا مشاعا بلا رحمة.. ولا سيادة.
***
كل هذا الذبح والدمار يتم تحت عنوان واحد، وهو محاربة “الدولة الاسلامية” واجتثاثها، مثلما “اجتثوا البعث” في العراق، ومعه الوحدة الوطنية، والتعايش والكرامة الانسانية، وكرسوا التفتيت الجغرافي والطائفي والعرقي.
نحن الآن امام مؤامرة كبيرة لتمزيق الجثة العربية الهامدة، نتابعها ونحن مفتوحي الاعين، بل والاخطر من ذلك ان “زعماءنا” يشاركون فيها ويمولونها من اموالنا ونفطنا وثرواتنا.
سورية تتعرض للتقسيم بين الشرق والغرب، الروس والامريكان، تماما مثلما حصل لالمانيا وكل دولة عظمى او شبه عظمى تريد قطعة منها، وسنفيق في يوم قريب على سورية الشرقية، وسورية الغربية، ودمشق الشمالية، ودمشق الجنوبية، ولا نستبعد بناء حوائط واسوار، مثل سور برلين، يكرس هذا التقسيم لعشرات السنوات المقبلة، فهذا هو المصير الذي ينتظر جميع دولنا ومدننا، ونحن في بداية البدايات فقط.
لا نفهم لماذا كل هذا السعار العسكري ضدنا.. ونسأل من ستقتل هذه الطائرات وصواريخها التي تزدحم بها اجواء سورية والعراق في الوقت الراهن، وكم عدد الشهداء.. نرجوكم اعطونا رقما واحدا.. ام ان شهداءنا بلا ارقام، وآلة القتل التي تحصد ارواحهم بلا عدادات، لانهم عرب ومسلمين تماما مثل شهداء العراق وليبيا واليمن وسورية؟
لا يمكن ان نصدق ان ستة آلاف غارة جوية شنها التحالف للقضاء على “الدولة الاسلامية” في العراق وسورية لم تقتل ابرياء، وان جميع قتلاها فقط من مقاتلي “الدولة الاسلامية” فلماذا لا ينتبه احد الى هذه الحقيقة المأساوية، ولماذا يعتم عليها اعلامنا العربي؟
هل من المنطق تصديق الدعاية الغربية، والعربية المتواطئة، التي تقول ان هذه الغارات المستمرة منذ عام لم تدمر الا مواقع “الدولة الاسلامية” وكيف؟ فعلى حد علمنا لا يوجد لابو بكر البغدادي قصرا مثل الاليزية، ولا قواعد عسكرية لدولته مثل نظيراتها الامريكية والفرنسية والبريطانية في دول الخليج؟
ثم من الذي خلق الحاضنة لـ”الدولة الاسلامية” في سورية والعراق، اليس هؤلاء الذين يتسابقون للقضاء عليها عندما بذروا بذور الطائفية والتهميش، وغزوا، واحتلوا بلداننا، واذلوا جيوشنا، واغتالوا علماءنا، ودمروا بنيانا التحتية؟
ديفيد كاميرون رئيس وزراء بريطانيا يحرض برلمانه على التصويت لتوسيع مهمة طائراته لضرب اهداف في سورية بعد العراق، ولا يعترض على ذلك غير نواب بريطانيين وليس عربا.
ووزير الدفاع الامريكي اشتون كارتر يعلن صراحة عن ارسال قوات امريكية خاصة الى العراق لمساعدة القوات العراقية والبشمرغة الكردية على قتال “الدولة الاسلامية”، ويرد رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي بأنه لم يتم التشاور معه حول هذه الخطوة، ويؤكد انه لا يريد قواتا امريكية او غير امريكية.
السيد العبادي يعتقد انه يتربع على عرش دولة مستقلة ذات سيادة، ويستطيع ان يقبل هذا، ويرفض ذاك، وينسى انه مثل الغالبية الساحقة من الزعماء العرب، مجرد “ناطور” للاحتلال الاجنبي لبلاده الذي ساهم وغيره في تشريعه، وفتح ابواب العراق امامه.
***
كلهم “محمود عباس″ وكلهم حميد كرزاي، مجرد ادوات، بلا كرامة، ولا سيادة، ولا قرار مستقل، وينفذون اوامر “الاحتلال” ويسخرون ثروات بلادهم في خدمة تكريسه وتدعيم اسسه، وتعميق جذوره.
نكتب بعاطفة مرة اخرى لان ما يجري في بلادنا العربية لا يمكن ان يستقيم بلغة العقل والمنطق، فنحن جميعا سبايا لمخطط شرقي غربي لاذلالنا، واستعبادنا، ونهب ثرواتنا.
رحم الله جميع شهدائنا، من سقط منهم ومن هو في طريقه للسقوط.. ورحم الله امة كانت في يوم من الايام عزيزة كريمة، ومفخرة بين الامم.