كيف نواجه ارتفاع الأسعار؟

اثنين, 09/06/2021 - 13:03
محمد الامين ولد الفاضل

يعيش العالم وضعية صعبة جدا بسبب جائحة كورونا، وأخطر ما في هذه الوضعية الصعبة هو أنه لا أحد يمكنه التنبؤ بنهايتها. هناك مصاعب عديدة تسببت فيها جائحة كورونا على المستوى العالمي، ومن تلك المصاعب الارتفاع الكبير الذي تشهده أسعار بعض السلع والمواد الأساسية، والمرجح لأن يستمر بعض الوقت، مما قد يتسبب في مشاكل عديدة لكثير من دول العالم، وخاصة الفقيرة منها.

هذه الوضعية الصعبة جدا، والتي تمرُّ بها أغلب دول العالم، تفرض علينا في هذه البلاد أن نتخذ ما يلزم من إجراءات لمواجهتها، وخاصة في الشق المتعلق منها بالارتفاع المتصاعد في أسعار بعض السلع والمواد الأساسية. تزداد الحاجة لاتخاذ مثل هذه الإجراءات بعد موسم الخريف لهذا العام، والذي اتسم ـ حتى الآن ـ بنقص كبير في تهاطل الأمطار.

هذه 12 نقطة قد تفيد في مواجهة الغلاء، ثلاثة منها يمكن اعتبارها إجراءات فورية من المهم أن يتم اتخاذها في أسرع وقت (المدى القصير)، وثلاثة منها يمكن اعتبارها إجراءات إستراتيجية يمكن اتخاذها على المدى المتوسط والطويل. أما النقاط الست المتبقية فهي عبارة عن إجراءات موازية بدونها لن تكون الإجراءات الفورية ولا الإستراتيجية فعالة. ثلاثة من هذه الإجراءات الموازية تتعلق بحسن التسيير والشفافية، والثلاثة الباقية تتعلق بالخطاب الإعلامي والإرادة السياسية.

الإجراءات الفورية (قصيرة المدى)

1 ـ بعث الشركة الوطنية للإيراد والتصدير (سونمكس)، أو إنشاء شركة وطنية أخرى تُعنى باستيراد المواد الأساسية والضرورية وتعمل على توزيعها وبيعها للمواطنين دون أرباح، ويمكن أن يتم ذلك عن طريق دكاكين مثل دكاكين أمل؛

2ـ المزيد من الاهتمام بالفئات الهشة، والعمل على زيادة أصحاب الرواتب الدنيا.

3 ـ ضبط وتنظيم السوق، والعمل على كسر احتكار استيراد بعض المواد الأساسية من طرف عدد قليل من التجار، فحسب بعض الدراسات فإن هامش أرباح التجار في بلادنا ما زال مرتفعا جدا بسبب الاحتكار وفوضى السوق، وقد يصل في بعض الأحيان إلى 50% من السعر. هذا الهامش الكبير قد يسمح بتخفيض أسعار بعض المواد مع المحافظة على  أرباح معقولة للتجار.

هاتان فقرتان مع تصرف بسيط ترجمهما المهندس أبوبكر أحمد من تقرير نشره البنك الدولي بالانجليزية في العام 2017، والتقرير يتحدث عن أسباب الفقر في موريتانيا، والتي كان في مقدمتها ارتفاع أسعار المواد الغذائية حسب التقرير.

الفقرة الأولى : " الأسعار المحلية للقمح والأرز في نواكشوط أعلى بكثير من الأسعار العالمية. في الفترة ما بين 2004-2016، كان متوسط سعر القمح ودقيق القمح في نواكشوط أعلى بنسبة 73% و130% من الأسعار العالمية ، بينما بلغ متوسط الفجوة في الأرز 92 % و 134 %."

الفقرة الثانية : " يكشف تحليل تركيبة تكلفة القمح والأرز المستورد في نواكشوط في عام 2014 أن أكثر من نصف سعر التجزئة يمكن أن يُعزى إلى هوامش ربحية للتجار الموزعين، بينما تلعب التعريفات والضرائب وتكاليف الحمالة والنقل دورًا ثانويًا فقط.

على الرغم من أن نظام استيراد المواد الغذائية يبدو ليبراليًا وشفافًا، إلا أن الأسعار المحلية والتي تتأثر بهوامش ربح المستورد تشير إلى أن القطاع، من الناحية العملية، تهيمن عليه لوبيات المصالح ويتأثر بممارسات غير تنافسية."

 

الإجراءات الإستراتيجية (متوسطة أو طويلة المدى)

1 ـ العمل بشكل جدي و مدروس للنهوض بالزراعة حتى توفر اكتفاءً ذاتيا في مجال الحبوب والخضروات، ولمَ لا حتى تصبح بلادنا من مصدري الحبوب والخضروات إلى الخارج؛

2 ـ العمل بشكل جدي ومدروس على تطوير قطاع الصيد البحري وجعل السمك مادة تستهلك بشكل يومي في كل بقاع موريتانيا : تحت الخيمة وداخل الكوخ والعريش، أينما كانت تلك الخيمة والكوخ والعريش؛

3 ـ العمل بشكل جدي ومدروس للاستفادة من ثروتنا الحيوانية، وذلك من خلال العمل على تصدير اللحوم الحمراء، وتحقيق اكتفاء ذاتي في مرحلة أولى من المنتجات الحيوانية ( الألبان ومشتقاتها؛ الجلود)، والعمل على تصدير تلك المنتجات في مرحلة ثانية؛

الإجراءات الموازية في مجال الشفافية وحسن التسيير

1ـ محاربة الفساد بشكل صارم؛

2ـ إعادة النظر في ملف التعيينات والعمل على أن تكون الأولوية في التعيين لأصحاب الكفاءة المشهود لهم بالاستقامة؛

3ـ هناك قطاعات ومؤسسات يجب أن يتم التعامل معها بصرامة أكبر، ويجب أن يكون الاهتمام بها في مجال التعيين والرقابة يختلف عن بقية القطاعات والمؤسسات، وذلك لحساسيتها ولأهمية الخدمات التي تقدم أو الأدوار التي تقوم بها. ومن تلك المؤسسات والشركات يمكننا أن نذكر شركتي الماء والكهرباء، أما على مستوى القطاعات فيمكن أن نذكر: التعليم؛ الصحة؛ التشغيل.

الإجراءات الموازية في مجالي الخطاب الإعلامي والإرادة السياسية

1 ـ وضع خطة إعلامية تهدف إلى إطلاع المواطن على الصعوبات التي يعيشها العالم اليوم، وخاصة ما يتعلق منها بالارتفاع الكبير في أسعار بعض المواد والسلع الأساسية؛

2 ـ إطلاع المواطن على أهمية الإجراءات التي سيتم اتخاذها، ذلك أن شعور المواطن بأن هناك إجراءات تم اتخاذها لصالحه هو أمرٌ مهم جدا. لابد من اتخاذ إجراءات فعلية للتخفيف من آثار ارتفاع الأسعار، ولابد في الوقت نفسه من العمل على خلق شعور قوي لدى المواطن بأهمية تلك الإجراءات التي اتخذت لصالحه.

3 ـ تبقى النقطة الأهم في هذه النقاط، وقد أخرتها لأهميتها، تتمثل في ضرورة تدخل فخامة رئيس الجمهورية بشكل مباشر في ملف ارتفاع الأسعار، وإظهار وجود إرادة سياسية عليا تهتم وتتابع ـ أولا بأول ـ كل التفاصيل المتعلقة بارتفاع الأسعار، وكذلك كل الإجراءات المتخذة للحد من تأثيراتها السلبية على القدرة الشرائية للمواطنين من أصحاب الدخول المتدنية.

حفظ الله موريتانيا...