تجاذب سياسي بموريتانيا عنوانه انتقال السلطة

سبت, 11/07/2015 - 12:06
أحمد الأمين/الجزيرة.نت

يتسم المشهد السياسي الموريتاني بالتجاذب منذ أكثر من ثلاث سنوات، وزاد من حدته الهواجس التي بدأت تثار حول انتقال السلطة في البلاد بعد أن ينهي الرئيس محمد ولد عبد العزيز ولايته الرئاسية الثانية عام 2019، إذ ينص الدستور النافذ على عدم إمكانية ترشحه مرة أخرى.

 

 

هاجس ما بعد 2019 -وإن لم يعلن البعض ذلك- بات الأكثر حضورا في أذهان الساسة ودوائر صنع القرار المنشغلة بقضية ’الاستخلاف’ وفقا لتعبير أحد المحللين السياسيين، فمنتدى الديمقراطية المعارض -وفقا لقادته- يريد أن يكون العام 2019 مفصليا في التحول الديمقراطي، ومحطة لتكريس التداول السلمي للسلطة، و’أي حوار لا يفضي إلى ذلك يعتبر هدرا للوقت وعملا عبثيا’، حسب رئيس القطب السياسي بالمنتدى محفوظ ولد بتاح في حديث للجزيرة نت.

 

 

ويبدو بقاء الرئيس ولد عبد العزيز في الحكم بعد انتهاء ولايته الحالية هاجسا لدى المنتدى الذي عبر عن مخاوفه من ’أن يؤدي الحوار دون ضمانات إلى استمرار الرئيس الحالي عبر تعديل الدستور’، وفقا لتصريحات أكثر من واحد من أقطابه.

 

 

ورغم أن المنتدى يقر بأنه لا يملك أدلة واضحة تؤكد هذه المخاوف، فإن ولد بتاح يرى أن ’الشكوك لها ما يبررها، فهذا النوع من الأنظمة غالبا ما يستعصي على التداول السلمي للسلطة، ومعظم تصرفاته تؤشر على عدم استعداده للتخلي عن الحكم، كما أن عدم تحديده لأهدافه من الحوار مثير للشك ويجعل المخاوف من استغلاله للعب بالدستور مخاوف مشروعة في نظرنا’.

 

 

ثوابت مركزية
ويضيف ولد بتاح أن ’نفي التسريبات والشائعات المتعلقة بنية الرئيس تعديل الدستور ينبغي أن تكون علنية وواضحة لإزالة مخاوفنا، وحين يؤكد جديته في احترام الدستور وعدم التمسك بالسلطة خارجه، فنحن مستعدون للتعاطي معه لإنهاء مأموريته الثانية في ظروف طبيعية رغم عدم اعترافنا حتى الآن بشرعية انتخابه’.

 

 

وعلى عكس ذلك ترى أحزاب الأغلبية (الموالاة) أن منتدى الديمقراطية هو من يضع العراقيل في وجه الحوار بموريتانيا، وتتحجج بقضايا غير مطروحة كتعديل الدستور. ويقول القيادي بحزب الاتحاد من أجل الجمهورية (الحاكم) محمد الأمين ولد شامخ للجزيرة نت إن ’الحوار أحد الثوابت المركزية في سياسات رئيس الجمهورية’.

 

 

ويضيف أن ’أهدافنا من الحوار هي خدمة المصالح العليا للشعب الموريتاني، ومحاربة الإقصاء، وتوسيع المشاركة السياسية، والتداول السلمي للسلطة، وهي في نظري أهداف واضحة، ولا يمكن وصفها بأنها غير محددة’.

 

 

ويرى ولد شامخ أن الحديث عن تعديل الدستور ’مجرد هواجس في أذهان بعض الساسة في المعارضة لا تجد ما يسندها على أرض الواقع، فرئيس الجمهورية أقسم على عدم تعديل المقتضيات الدستورية المتعلقة بعدد المأموريات، والتزامه الديني الواضح والمعروف لدى الجميع يمنعه من الإقدام على الحنث’.

 

 

ويضيف أن ’كل تصريحات رئيس الجمهورية تؤكد عدم نيته تعديل الدستور، كما أن رئيس حزب الاتحاد من أجل الجمهورية نفى ذلك أكثر من مرة وفي مقابلات وتصريحات صحفية لوسائل إعلام محلية ودولية’.

 

 

صراع إرادات
ويرى محللون سياسيون أن الطبقة السياسية ودوائر صنع القرار في موريتانيا منشغلة بالتهيئة لاستحقاق 2019، وأن لعبة شد الحبل في الساحة السياسية ما هي إلا مظهر لصراع إرادات يتداخل فيه السياسي والمالي، والعسكري والمدني، والداخلي والخارجي.

 

 

ويرى أغلب المحللين السياسيين أنه في ظل المعطيات القائمة يبدو صراع الإرادات هذا محسوما لصالح الدوائر الحاكمة، لا من خلال تعديل الدستور والتمديد للرئيس الحالي، وإنما من خلال مرشح آخر تتبناه الدوائر المؤثرة.

 

 

ويرى المحلل السياسي محمدو ولد محمد المختار أنه ’في ظل محدودية الوعي في الأوساط الناخبة يبقى التأثير لأصحاب النفوذ اجتماعيا كان أو سياسيا او اقتصاديا، مما يجعل التحول شكليا، ويسهل إعادة إنتاج الأنظمة لنفسها في بلدان العالم الثالث’.

 

 

ويضيف ولد محمد المختار في حديث للجزيرة نت أن ’الحالة في موريتانيا تتطلب حوارا جادا بين الأطراف السياسية لتجذير الديمقراطية وتجاوز حالة الاصطفاف، والعمل المشترك لمواجهة تحديات أخرى اجتماعية واقتصادية، بدأت تجلياتها تظهر في أكثر من مشهد’.