الاتفاق النووي .. "الخليج" في قبضة طهران
الخميس, 16 يوليو 2015 00:57

altaltفرحة إيرانية وخديعة أمريكية وترقب عربي خليجي ورفض إسرائيلي.. هكذا وصف الخبراء حال تلك الدول عقب إبرام الاتفاق النووي الإيراني مع دول الـ 6 الكبرى والذي وقع اليوم في العاصمة النمساوية فيينا.

الاتفاق النووي الإيراني حمل معه تكهنات غامضة، ربما تكشف عنها الأيام القادمة، فالاتفاق الذي استمر لقرابة 21 شهراً، أسدل عليه الستار اليوم، ليحمل معه الكثير من التساؤلات التي ربما تًدخل العالم في صراعات غير مسبوقة..

لماذا وافقت دول الـ6 على الاتفاق الآن؟ وهل يشتعل سباق التسليح النووي في الشرق الأوسط بين تركيا والسعودية وبعض دول الخليج؟ وما تبعات الاتفاق على تلك الدول؟ وهل يرتمي الخليج مرة أخرى في أحضان الولايات المتحدة الأمريكية؟.

 

21 شهراً مفاوضات

وأبرمت إيران والدول الست الكبرى رسمياً الاتفاق بشأن الملف النووي الإيراني اليوم في فيينا، بعد مفاوضات استمرت 21 شهرا. المراقبون أوضحوا في تصريحاتهم لـ"مصر العربية" أن الاتفاق النووي الإيراني صنع إيران جديدة، وأعطاها دور عصا الغرب في الشرق الأوسط والخليج، مضيفين أن الخريطة الجديدة للشرق الأوسط ستدار بيد طهران.

 

 

وزير خارجية إيران جواد ظريف

الدكتور طارق فهمي أستاذ العلوم السياسية والخبير في العلاقات الدولية، قال إن توقع اتفاقية النووي الإيراني سيكون له انعكاسات سلبية على الجميع في الفترة المقبلة، مضيفاً أن إيران الجديدة ستختلف عن إيران ما قبل الاتفاق.

وأوضح الخبير السياسي وأستاذ العلاقات الدولية لـ"مصر العربية" أن دول إسرائيل ودول الخليج وخصوصاً السعودية هي الخاسرة من الاتفاق، فالأخيرة كانت تطمح في السيطرة على الخليج والشرق الأوسط، وكذلك لديها صراعات مع تنظيمات وجماعات تابعة لطهران، لكن في لحظة واحدة انقلبت عليها الطاولة، وبالتالي فالخليج الآن في مآزق حقيقي.

وتابع: طهران ستدير كافة الملفات المتعلقة بجوارها والشرق الأوسد باعتراف الولايات المتحدة، وبالتالي سيخدم بشار الأسد وجماعة الحوثي، معتقداً أن إيران ستناور وتغامر في تنفيذ بنود هذا الاتفاق.

 

رسائل مسكنات

وأشار إلى أن رسائل التطمينات التي أرسلها باراك أوبام لدول الخليج "مسكنات" ليس لها قيمة، خاصة وأنها تأتي دون ضمانات حقيقية وبالتالي أمريكا أرادت بتلك الرسائل اللعب على الخليج مرة أخرى.

وعن موقف تركيا من الاتفاق، قال خبير العلاقات الدولية أن أنقرة وطهران سيقودان غالبية ملفات المنطقة في الأيام المقبلة، فتركيا رابحة بصورة كبيرة.

بدوره قال الدكتور سعيد صادق أستاذ الاجتماع السياسي بالجامعة الأمريكية، قال إن اتفاق طهران النووي "كارث" على المنطقة العربية، مضيفاً أن إيران أصبحت بالملف النووي دولة إقليمية ذات سيادة أكثر مما كانت عليه في الماضي.

وأوضح الخبير السياسي لـ"مصر العربية": قبل الاتفاق كانت إيران مسيطرة على اليمن والبحرين وسوريا وبعض مناطق في السعودية والإمارات، متسائلاً كيف هي الآن بعدما دخلت البلدان النووية؟ وبالتالي فالنفوذ الأيراني سيتمدد أكثر.

وتابع: الاتفاق ضربة لكل الدول المتحالفة مع أمريكا، خصواصً السعودية وإسرائيل وبعض دول الخليج.

 

 

نصر الله والأسد

في السياق، قال منصور حقيقت بور نائب رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بالبرلمان الإيراني في مقابلة إن الاتفاق النووي الإيراني لن يغير مساهمة إيران في استقرار المنطقة وإن تحسين العلاقات الاقتصادية سيساعد في هذا. وأضاف "نتمتع بالفعل بتعاون جيد في الأمور الاقتصادية ومجالات أخرى مع الدول الأخرى… اذا أزيلت العقبات (العقوبات) فحينئذ يمكن أن تنمو هذه العلاقات". واعتبر الرئيس الأمريكي باراك أوباما، أن العالم أصبح أكثر أمنا بعد توصل إيران والدول الكبرى إلى اتفاق نووي تاريخي.

 

مفاوضات شاقة

من جهته، عبر الرئيس الإيراني حسن روحاني عن سعادته بوصول المفاوضات التي استمرت لـ23 شهرًا إلى نقطة جديدة، وقال إن بلاده حققت كل الأهداف المرجودة التي تطمح إليها من خلال هذا الاتفاق التاريخي حول الملف النووي وأن الحوار أفضل طريقة لحل الأزمة.

وأكد أن بلاده طلبت مفاوضات شفافة وليس صدقة أنه لو لم تكن هناك إرادة بين الجانبين لما تم التوصل للاتفاق الذي يهدف للحفاظ على التكنولوجيا النووية وأن تبقى الأنشطة داخل البلاد.

من جهته، قال مايكل آيزنشتات، مدير برنامج الدراسات العسكرية والأمنية في معهد واشنطن،: "إن الولايات المتحدة الأمريكية تعاني حالياً من نقص في مصداقيتها لدى حلفائها الخليجيين وهو ما يهدد مصالحها ويعرّض حلفاءها للخطر"، وأكد أن بإمكان أمريكا استعادة ثقة حلفائها الخليجيين من خلال مواجهة مساعي إيران لتوسيع نفوذها في المنطقة والسيطرة على بعض الدول العربية.

وأضاف آيزنشتات، في تقرير نشر على موقع معهد واشنطن الإلكتروني،: "أن "الخطوات التي اتخذتها واشنطن في الماضي لطمأنة حلفائها من دول مجلس التعاون الخليجي، والكامنة في نقل الأسلحة، وتواجد متزايد لها في الخارج، ووضع خطوط حمراء، لم تنجح في كثير من الأحيان في تبديد شكوك هؤلاء الحلفاء، وكثيرا ما فاقمت من مخاوفهم.

وأوضح "آيزنشتات" أنه من أجل تحقيق غاية الولايات المتحدة في استعادة مصداقيتها لدى الخليجيين، لا بد لها من أن "تكثّف الدعم للمعارضة المعتدلة في سوريا، وأن تعمل على نحو أكثر فعالية لردع شحنات الأسلحة الإيرانية إلى حلفاء طهران وأتباعها في المنطقة، ومنعها، وتعمل على تعزيز الدعم للشركاء المنخرطين في الصراعات مع حلفاء طهران وأتباعها".

في حين قال قال رئيس هيئة الطاقة الذرية الإيرانية، علي أكبر صالحي، أنّه تمت تسوية كل النقاط الخلافية مع الغرب مع مراعاة خطوط إيران الحمراء.

وأوضح صالحي: تمت تسوية مسألة تفتيش موقع بارشين وهو الموقع الذي تطلب الوكالة تفتيشه بسبب شكوك حول إجراء تجارب نووية فيه.

وكانت وسائل إعلام إيرانية مقربة من النظام، نشرت ما قالت إنه أهم بنود الاتفاق النووي الموقع بين إيران والغرب، وقالت وكالة الأنباء الإيرانية إن المنشآت النووية الإيرانية ستواصل العمل بمقتضى الاتفاق النووي مع الدول الكبرى، وسيتم رفع حظر التسليح عن إيران وستحل محله قيود جديدة.

وذكرت وكالة أنباء “تسنيم” في تقرير لها أن “خريطة الإتفاق النووي” تجيز التحقيق في النشاطات النووية السابقة لإيران التي يشتبه في أنها كانت تنطوي على بعد عسكري، مشيرة إلى أهم بنود الاتفاق وهي:

1 ـ  مفاعل آراك للمياه الثقيلة سيبقى ينتج المياه الثقيلة ويتم تحديثه ويزود بالامكانيات والمختبرات والمنشآت الجديدة بالتعاون مع مالكي أكثر التقنيات تقدماً وأمنا في العالم والتخلي عن الدعوات السابقة لتفكيكه أو تحويله إلى مفاعل للمياه الخفيفة.

2 ـ  إيران ستدخل الأسواق العالمية باعتبارها بلد منتج للمواد النووية لاسيما المنتجين الاستراتيجين “اليورانيوم المخصب” و “المياه الثقيلة” وسيتم الغاء الحظر والقيود المفروضة على عمليات التصدير والاستيراد والتي فرضت منذ 35 عاما.

3 ـ سيتم إلغاء الحظر الاقتصادي والمالي على القطاعات المصرفية والمالية والنفطية والغازية والبتروكيمياويات والتجارية والنقل والمواصلات في إيران والتي فرضها الاتحاد الأوروبي وأميركا بذريعة البرنامج النووي الايراني دفعة واحدة منذ بدء تنفيذ الاتفاق.

4 ـ استبدال الحظر المفروض على إنتاج الصواريخ الباليستية الإيرانية بحظر على إنتاج الصواريخ الحاملة للرؤوس النووية فقط والتي لم تنتجها إيران يوما ولن تدرجها في برنامجها الصاروخي مطلقا بحسب الوكالة الإيرانية.

5 ـ إلغاء الحظر التسليحي المفروض على إيران واستبداله ببعض القيود بحيث يمهد لاستيراد وتصدير المعدات الدفاعية بشكل منفصل والغاء هذا الحظر بعد 5 سنوات تماما.

6 ـ إزالة حظر المعدات الحساسة او المتعددة الاستخدامات وسد حاجات ايران منها عبر تشكيل لجنة مشتركة بين ايران والقوى الستة.

7 ـ إلغاء حظر دراسة الطلبة الجامعيين الايرانيين في الاقسام والفروع المرتبطة بالطاقة النووية.

8 ـ إلغاء حظر شراء الطائرات المدنية وإمكانية تحديث الأسطول الجوي الإيراني والرقي بمستوى أمن الرحلات الجوية للمرة الأولى بعد 3 عقود من الحظر غير العادل على حد قول الوكالة.

9 ـ الإفراج عن الأصول والعوائد الايرانية المحتجزة في خارج البلاد والتي تبلغ عشرات مليارات الدولارات بسبب الحظر خلال الأعوام الماضية.

10 ـ إزالة الحظر المفروض على البنك المركزي وشركة الملاحة والشركة الوطنية للنفط والشركة الوطنية لناقلات النفط والشركات المرتبطة وشركة الخطوط الجوية والعديد من المؤسسات والمصارف الايرانية الاخرى والتي تبلغ 800 على الصعيدين الحقوقي والطبيعي.

11 ـ تسهيل نيل ايران للقطاعات التجارية والتقنية والمالية والطاقة العالمية.

12 ـ ازالة أي حظر او قيود مفروضة في مجالات التعاون الاقتصادي مع ايران على جميع الصعد ومنها الاستثمارات في مجالات النفط والغاز والبتروكيمياويات والمجالات الاخرى.

13 ـ التعاون الدولي الواسع مع ايران في قطاع الطاقة النووية السلمية على صعد بناء محطات نووية جديدة ومفاعلات بحثية وفق احدث التقنيات في قطاع الصناعات النووية.

ويقضي الاتفاق برفع العقوبات التي يفرضها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والأمم المتحدة على إيران مقابل موافقتها على فرض قيود طويلة المدى على برنامجها النووي الذي يشتبه الغرب بأنه يهدف إلى صنع قنبلة ذرية.