صحيفة : مقترح تعديل الدستور كان طعما لحزب التكتل
الأحد, 05 يوليو 2015 05:02

altaltعرفت الأيام الأخيرة في موريتانيا ظهور مؤشرات عديدة على تعثر الحوار السياسي الذي كان في مراحله التحضيرية، حيث عادت الأطراف السياسية للتمترس خلف مواقفها التقليدية، وذلك على أبواب "بيات" صيفي للمعارضة الموريتانية، كانت انطلاقته بإلغاء نشاطها الذي كان مقررا في مدينة ألاكـ عاصمة ولاية البراكنه يوم 16 – 06 – 2015.

 

وقد توقفت – عمليا – مساعي الحوار عند المرحلة ذاتها التي توقفت عندها تجربة الحوار السابقة أثناء تحضيرات الانتخابات النيابية والبلدية 2013، حيث وقفت الشروط والضمانات في وجه انطلاقة الحوار حينها، فيما تحولت الشروط والضمانات في الحوار الأخير إلى ممهدات، تمسكت بها المعارضة، وحاول الوفد الممثل للحكومة والأغلبية تقسيمها إلى أقسام من أجل تجاوزها.

 

وكانت آخر خطوات تعثر الحوار السياسي في موريتانيا تحول الردود بين الأطراف السياسية من وثائق مكتوبة إلى ردود شفوية، جاء أولها من وفد الحكومة والأغلبية، وردت المعارضة (منتدى الديمقراطية الوحدة) عليه بالمثل، وتوقفت الردود بينهما هناك، رغم أحاديث الطرفين عن مواصلة الحوار، وتأكيد أطراف معارضة أن أكثر من 20 يوما يكفي لتأليف كتاب، أحرى كتابة أسطر قليلة للرد عليهم، أو تكليف الوفد الحكومي والسياسي بنقل الرد شفويا إليهم.

 

وتطالب أطراف سياسية داخل منتدى المعارضة بوضع سقف للمرحلة التحضيرية للحوار، وإبلاغ الطرف الآخر بها، وإعلان فشل جولة محاولته الحالية في حال نهاية السقف الزمني دون التوصل إلى اتفاق بشأن انطلاقة الحوار الرسمي.

 

بوابة الـ"بيات الصيفي"

 

ويأتي تعثر الحوار السياسي والمعارضة الموريتاني تدلف إلى بوابة "بياتها" الصيفي الذي اعتادت دخوله كل عام، وكانت بداياتها بتنظيم نشاط وصف من قبل مراقبين بـ"الباهت" جاء بعد مباشرة قرار إلغاء النشاط الوحيد الذي قرر المنتدى تنظيمه في الداخل واختار مدينة ألاك عاصمة ولاية البراكنه لاستضافته، ردا منه على الزيارات الداخلية التي بدأها الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز، وقادته الآن إلى أغلب الولايات الداخلية.

 

وتشكل أشهر العطلة الصيفية، وكذا شهر رمضان الكريم من كل عام فترة بيات صيفي للمعارضة تغيب في أنشطتها، ويسافر قادتها خارج العاصمة أو خارج البلاد، وتعاطيا مع هذا البيات الذي أصبح "مزمنا" اعتمدت أحزاب المعارضة خيار توقيف الأنشطة – بشكل رسمي أو من دونه – مع بداية كل صيف في موريتانيا.

 

حماس وتراجع مفاجئين

 

وتزايد الحديث عن الحوار السياسي في موريتانيا بعد حديث الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز عنه بشكل مفاجئ أثناء افتتاحه لمهرجان المدن القديمة في مدينة شنقيط في ذكرى المولد النبوي الماضي، ولم يكن مجرد الحديث عن الاستعداد للحوار هو المفاجأ بقدر ما فاجأ معه حجم الحماس المصاحب له، وحجم الاستعداد للتنازل في إطاره.

 

ولاحقا تكررت الأحاديث الرسمية عن الاستعداد للحوار، وعن ضرورته، سواء من الرئيس الموريتاني ولد عبد العزيز نفسه، أو من وزيره الأول الذي أجرى اتصالات بأحزاب معارضة قبل أن يسحب الملف منه ويسلم للوزير الأول السابق والأمين العام للرئاسة الحالي مولاي ولد محمد الأغظف.

 

وفور إصرار المعارضة على التمسك ببمهداته، واتفاقها بشكل شبه إجماعي على رفض تعديل الدستور الموريتاني تراجعت فورة حماس ولد عبد العزيز للحوار قبل أن تتحول إلى حديث عن تحميل المعارضة مسؤولية تعثره في خرجاته الإعلامية.

 

ولد بلخير مصدر الحماس

 

وتقول مصادر الأخبار إن بداية تفكير ولد عبد العزيز في إطلاق ندائه للحوار السياسي كانت بعيد لقائه في القصر الرئاسي مع الرئيس الدوري للمعاهدة من أجل التناوب السلمي – حينها – ورئيس حزب التحالف الشعبي التقدمي مسعود ولد بخلير، وحديثهما عن تعديل الدستور بما يتيح لولد عبد العزيز الترشح لمأمورية ثالثة، ويفتح الباب أمام ولد بلخير وغيره من قادة المعارضة الترشح بعد تغيير السن المسموح لها بالترشح.

 

وأكدت هذه المصادر أن الرئيس الموريتاني – وكبار مساعديه – تفاجؤوا من رفض أحزاب المعارضة لفكرة تعديل الدستور، وخصوصا حزب تكتل القوى الديمقراطية، حيث كانت توقعاتهم تشير إلى تحمسه للتعديل أو في أسوء الأحوال موافقته عليها، غير أنه رفض الأمر بشكل قاطع، وهو ما أدى لتراجع الحماس الرسمي للحوار السياسي.

 

حوار من أجل التكتل

 

مصادر صحيفة الأخبار إنفو قالت إن أطرافا في الأغلبية كانت تراهن في الحوار السياسي على جر حزب تكتل القوى الديمقراطية للمشاركة فيه، وتقدم مقترح تعديل الدستور طعما له، وذلك بناء على تحليل لديها يقول إن أحزاب المعاهدة من أجل التناوب السلمي شاركت في حوار 2011 ولم يساهم ذلك في تخفيف الأزمة السياسية، وإن حزب تواصل شارك في الحوار – ولم بشكل غير مباشر – من خلال مشاركته في الانتخابات التشريعية والبلدية الأخيرة، ومن خلال تمثيله في الهيئات السياسية القائمة،

ولم يخفف ذلك من وقع الأزمة، معتبرة أن الرهان الآن يجب أن يكون على جر حزب التكتل إلى الحوار السياسي، مردفة أنه في حال تعذره ذلك فإن إجراء الحوار من دونه سيفرغه من مضمونه حتى قبل انطلاقته.

 

في انتظار المجهول

 

وكانت المعارضة الموريتانية قبيل نهاية العام 2014 وثيقة سياسية أكدت أن موريتانيا أمام ثلاثة لا رابع لها، وهي – حسب الوثيقة – "القبول بحوار جدي جامع بين النظام والمعارضة بضمانات حقيقية، أو الانزلاق نحو الدولة الفاشلة، أو الانغماس من جديد في الانقلابات العسكرية".

 

وقدمت الوثيقة صورة قاتمة عن الأوضاع في موريتانيا على مختلف الأصعدة، وعلى رأسها ما أسمته "تهديد الوحدة الوطنية واستمرار سياسات التهميش التي لا تراعي التعدد والتنوع الثقافي والاجتماعي، والتمادي الرسمي في تجاهل مخاطر ممارسات الاسترقاق، والفساد والنهب والاستحواذ على موارد البلد من طرف فرد أو، على الأكثر، من طرف مجموعة استولت على السلطة بالقوة، وتدجين مؤسسات الدولة وتقزيمها، وتدهور التعليم والصحة والعدالة، والتلاعب بالانتخابات".

 

وفي ظل تعثر الحوار، واتجاهه نحو طريق مسدود بفعل فشل الأطراف السياسية في التوصل إلى توافق حول النقاط محل الخلاف تكون البلاد – حسب وثيقة المعارضة – أمام الخيارين المتبقين وهما انهيار الدولة وتحولها إلى دولة فاشلة، أو الانقلاب عسكري.

 

 

وفي كلتا الحالتين لا يبدو للمعارضة أي رهان على الفعل السياسي لها، بقدر ما يكشف تطلعها إلى "منقذ" عسكري من خارجها، أو انتظار متابعة مشهد البلاد وهي تتحول إلى دولة فاشلة، ويتقاطع موقف المعارضة في هذه الوثيقة مع أعلنه التيار البعثي قبل أشهر في بيان مطول صادر عنه، حذر في نهايته مما وصفه "بالمجهول" الذي ينتظر البلاد.

 

الأخبار انفو