غاز موريتانيا يثير مخاوف عودة الصراع مع السنغال
الأربعاء, 13 مايو 2015 12:47

altalt

استحوذ إعلان شركة أميركية عن اكتشاف احتياطي ضخم من الغاز الطبيعي، قبالة الشواطئ الموريتانية على المحيط الأطلسي، على حديث الشارع الموريتاني خلال الأسبوع الأخير، ليس فقط لأهمية الخبر أو لأنه يتعلق بأول اكتشاف للغاز في البلاد، بل لأن الحقل يقع على الحدود البحرية مع السنغال المجاورة لموريتانيا جنوباً، والتي دخلت في حرب أهلية دامية عام 1989، تحولت إلى مواجهة عسكرية بين البلدين.

وبسبب حساسية الوضع بين البلدين، بدأت مخاوف الشارع الموريتاني تتغلّب على مشاعر الفرح والتفاؤل، التي كان من المتوقع أن تعم أوساط الموريتانيين مع اكتشاف أول حقل للغاز الطبيعي في البلاد.

 

وبدأ الإحباط يتسلّل إلى الموريتانيين خشية تأثير هذا الاكتشاف على علاقات موريتانيا والسنغال، البلدان المتعطشان لاكتشاف موارد الطاقة منذ عقود، فالعلاقات بينهما لم تخل منذ حصولهما على الاستقلال من أسباب للاحتكاك والاختلاف والتوتر.

وتسبب تأخر السلطات الموريتانية على غير عادتها في التعليق على اكتشاف بئر الغاز، في زيادة المخاوف، خاصة أن خرائط الموقع الذي أعلنته شركة "كوسموس إينيرجي" الأميركية تشير إلى قربه من ساحل السنغال الذي يحوي أيضاً اكتشافات نفطية وغازية للشركة نفسها.

 

وبعد الضجة التي أثارها اكتشاف الغاز الموريتاني والنفط السنغالي في وقت متزامن وفي منطقة متقاربة بين البلدين الجارين، قال الرئيس الموريتاني، محمد ولد عبد العزيز، إن الحقل المكتشف "لن يخلق أي مشاكل بين البلدين".

وأضاف، خلال مؤتمر صحافي عقده مساء الثلاثاء الماضي: "لا نتوقع مشكلة بيننا وبين السنغال في ما يتعلق بالغاز.. إذا كان هناك غاز مشترك فتوجد حلول دولية معروفة مسبقاً، وبالتالي لن تكون هنالك أي مشكلة".

وتابع أن الغاز المكتشف ليس كله على الحدود مع السنغال، موضحاً أن هنالك حقل يقع على بعد 2.5 كيلومتر من الحدود داخل المياه الموريتانية، وهناك مقاطع تنقيب تقع إلى الشمال بعيداً عن الحدود مع السنغال بنحو 100 كيلومتر تحمل مؤشرات إيجابية.

 

وكانت شركة "كوسموس إينيرجي" الأميركية للطاقة قد أعلنت أنه بعد عمليات تنقيب واسعة، حصلت على مؤشرات بوجود الغاز وباحتياطي كبير فاق توقعاتها على الساحل الموريتاني، مؤكدة أنها ستواصل أعمال الحفر في الربع الثالث من العام الحالي، 2015.

وقال الخبير الاقتصادي الموريتاني، محمد لمين ولد سيد أحمد، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إن أعمال الحفر المزمع القيام بها في المواقع خلال الأيام القادمة ستؤكد نطاق الكشف والإمكانات التجارية للعمليات. وأضاف أن ارتفاع سهم شركة "كوسموس" المدرجة في بورصة نيويورك 15%، بعد إعلان اكتشاف حقل الغاز في موريتانيا، يؤكد أن اكتشافات الغاز في الحدود الموريتانية مهمة، وأنها ليست فقط تحليلات أولية لنتائج الحفر والرصد الجيولوجي لحدود مشتركة بين بلدين.

وأشار إلى أن النفط والغاز المكتشف في السنغال يقع في المياه التابعة لدولة السنغال وتحديداً في الشريط البحري الممتد بين مدينتي سينلوي وكايار، بينما موقع الرخصة التي منحتها الحكومة الموريتانية لشركة "كوسموس" بعيد بنحو كيلومترين عن الحدود الشمالية للسنغال.

وأكد أن مخاوف الموريتانيين مشروعة، لكنها ستتبدد بعد الدراسات التي ستقوم بها الشركة لإعلان تفاصيل دقيقة و"شافية" حول الاكتشافات الجديدة وبيان ما إذا كانت ثروة مشتركة بين البلدين.

وتابع أن ما يشغل الموريتانيين أكثر هو غياب الشفافية في تسيير الموارد الطبيعية ومدى جدوى الحقل المكتشف، بعد أن تبددت آمالهم بجدوى حقل "شنقيط" النفطي الواقع في عمق المحيط الأطلسي، الذي سبق أن أعلنت شركة "وودسايد" الأسترالية أنه سينقل موريتانيا إلى مصاف الدول النفطية، بينما تُنتج موريتانيا منه حاليا أقل من 5 آلاف برميل يومياً من النفط.

ويتزامن الإعلان عن حقل الغاز الهائل في موريتانيا، مع إعلان الشركة الأميركية نفسها عن اكتشاف حقل "هائل" من النفط والغاز أيضاً قرب ساحل السنغال في المحيط الأطلسي.

وأشارت الشركة إلى أن هذا الاكتشاف الأخير، وحقول سابقة أقل حجماً، يجعل من السنغال بلداً يخطو بقوة نحو قائمة البلدان المنتجة للنفط، وواحداً من أكثر البلدان جلباً للمستثمرين في المنطقة.

وأكد مسؤولو الشركة للرئيس السنغالي، ماكي صال، أنهم "حققوا الحلم الذي يطمح له أي متخصص في التنقيب، باكتشافهم لجيب نفطي يمتد من مدينة كايار وحتى مدينة سينلوي، ليتوقف عند الحدود مع موريتانيا"، وفق ما أوردته صحيفة "لو كوتيديان" السنغالية.

وقال مسؤول في وزارة البترول والطاقة والمعادن الموريتانية، طلب عدم الكشف عن اسمه، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إن منطقة "انجاكو"، جنوب موريتانيا، تحتوي على مخزون ضخم من الغاز تزيد مساحته على 90 كيلومتراً مربعاً بعمق يزيد على 107 أمتار.

 

وأكد المسؤول أن الحقل المكتشف في منطقة انجاكو في مياه المحيط الأطلسي، سيكون من أضخم الحقول الغازية في غرب القارة الأفريقية.

وعن تردد السلطات في التعليق على خبر اكتشاف الغاز، أشار إلى أن الحكومة تنتظر الدراسات التي ستقوم بها الشركة في الفترة المقبلة لتحديد الكمية والجدوى الاقتصادية، نافياً أن يكون الحقل "متنازع عليه"، أو أن اكتشاف حقل مشترك على الحدود بين موريتانيا والسنغال سيؤثر على العلاقات بين البلدين.

وحول تاريخ بدء استغلال الحقل الغازي والعائدات المتوقعة، قال المسؤول إن الدراسات التي سينتهي جزء منها خلال مايو/ أيار الجاري ستحدد كل شيء.

وأضاف: "بحسب التوقعات، فإن الغاز سيتم تصديره عام 2020، وسوف تستفيد الدولة من عائدات مهمة، فإضافة إلى نسبة الـ10% التي تمتلكها في المشروع، فإنها ستستفيد من الضرائب، إضافة إلى الاستعانة بالعمال الموريتانيين والمقاولات المحلية وتشجيع الاستثمار".