“الميهاريست” تقتفي أثر “الإرهاب” في الجزائر
الأحد, 26 أبريل 2015 19:00

altalt“أهل مكة أدرى بشعابها” مثل عربي قديم كثيرا ما تردد على أسماعنا، وقليلا منا تفحص في فحواه، لكنه يبرر لجوء الجيش الجزائري إلى فرق “اليمهاريست” أو “قصاصي الأثر”، لتتبع مركبات الإرهابيين وحركتهم في صحراء البلاد الشاسعة، وتحقيق ما وصفه كثر بـ”الإنجازات” في مجال مكافحة الإرهاب.

 

وبعد أن كان عدد من أبناء الجنوب الجزائري يمارسون قص الأثر في الصحراء، كهواية فقط، فرضت الظروف الأمنية، وتزايد تهديد الجماعات الإرهابية في مالي وليبيا المجاورتين، على الجيش تكييف تكتيكات مكافحة الإرهاب واللجوء إلى هؤلاء لتعقب الإرهابيين.

وبذلك، بات قص  الأثر  جزءا لا يتجزأ من نشاط مكافحة الإرهاب، ففي أغلب العمليات يستعين الجيش بفرق قصاصي الأثر الذين تم توظيفهم في فرق “راكبي المهارى” (وهي الجمال السريعة)، ويطلق عليهم في الجزائر اسم “الميهاريست”.

وحسب مراسل “الأناضول”، عاد الجيش الجزائري قبل عامين إلى الاستعانة بفرق راكبي الجمال “الميهاريست” لمواجهة الجماعات الإرهابية، ومهربي السلاح والمخدرات على الحدود الجنوبية للجزائر، وهي فرق تقوم بعدة وظائف أهمها العمل في إرشاد الفرق العسكرية للطرق، والمسالك السرية في الصحراء الجزائرية  الشاسعة.

ويقول عبد الله الشريف أوسيغ، وهو أحد أشهر قصاصي الأثر في مدينة جانب التي تبعد 2000 كلم جنوب شرق العاصمة الجزائرية، لوكالة “الأناضول”: “أغلب  الميهاريست في الجيش يعملون في نشاط تقفي أثر إطارات السيارات التي تخترق  الصحراء، ويرشدون الفرق العسكرية على  وجهة  السيارات، وتاريخ  آثار الإطارات”.

ويضيف: “يساهم  قصاصو الأثر في إنقاذ أرواح الأشخاص التائهين  في الصحراء وفي التحقيقات  الجنائية حول بعض الجرائم التي تتم في الصحراء”، قبل أن يمضى قائلا: “رغم  أن العسكريين  في الجزائر خاصة قوات الكوماندوز(القوات الخاصة) يحصلون  في المدارس العسكرية على تكوين في مجال قص  الأثر إلا أنهم  يعجزون أمام  براعة  قصاصي  الأثر من أبناء القبائل المحلية في الجنوب الذين خبروا مسالك الصحراء وطبيعتها”.

ويقول مصدر أمني، طلب عدم كشف هويته، في حديث لـ”الأناضول”: “لا يمكن  للجيش  الآن  الاستغناء عن  قصاصي الأثر الذين حقق الجيش بفضل تعاونهم نتائج  غاية  في الأهمية”.

فيما يقول موسان غريب، وهو رجل  أمن متقاعد من مدينة طارات الحدودية بين الجزائر وليبيا: “توقف  استعمال الميهاريست قبل أكثر من نصف قرن أي  مباشرة  بعد استقلال الجزائر عن فرنسا عام 1962، حيث استعانت السلطات  الفرنسية براكبي المهارى  في مراقبة الحدود  مترامية  الأطراف  للجزائر، أما اليوم  فإن الجيش  الجزائري يستعين بهم  في عدة  مهام  أهمها اقتفاء  الأثر  في الصحراء والتعرف  على  الطرق  الصحراوية السرية  التي  يستغلها  الإرهابيون  ومهربو السلاح  في التسلل إلى  الجزائر أو مغادرتها”.

ورغم عدد “الميهاريست” الصغير، إلا أن هذه الفرق حققت انجازات كبيرة لصالح الجيش، من بينها منع  جماعات المهربين من استغلال  عشرات المسالك والطرق  السرية بسبب تعرف الجيش عليها عن طريقهم، لأنهم يعرفون كل هذه الطرق، حسب شهادات أمنية ولسكان محليين جمعها مراسل “الأناضول”.

ويقول حامدي اغ موسى، وهو أحد أعيان قبيلة ايدنان في الجنوب الجزائري، لوكالة “الأناضول”: “لقد  قلنا  قبل  سنوات  عديدة أن مكافحة الإرهاب والتهريب  لن تنجح إلا بالاستعانة بأبناء القبائل من السكان  المحليين”.

ويتابع: “منذ أن قرر الجيش توظيف الخبراء في المسالك السرية الصحراوية، بعمليات مكافحة الإرهاب، والتهريب في الجنوب، تحسنت الوضعية كثيرا وبات اختراق  الحدود الجنوبية للجزائر شبه مستحيل”.

ويضيف أغ موسى: “في أغلب عمليات مكافحة الإرهاب في الجنوب الجزائري يعمل الميهاريست كمرشدين للفرق العسكرية والقوات الخاصة، حيث يقومون  باقتفاء آثار عجلات السيارات التي تعبر الصحراء، ويدلون  الفرق العسكرية حول وجهة  السيارات”.

بدوره، يقول رجل الأمن السابق موسان  غريب: “لقد  استعان  قضاة  ومحققون محترفون في عدة قضايا بخبرة  الميهاريست  في  التحقيقات  الجنائية حول بعض الجرائم في الصحراء”.