موريتانيا خزان للعبيد الجزائريين
الاثنين, 22 سبتمبر 2014 16:29

altaltأثارت الأحداث الدامية وأعمال الشغب التي عرفتها بوابة الصحراء الجزائرية "غرداية" مؤخرا الكثير من التساؤلات السياسية خارج الوطن وداخله والعديد من القضايا الاجتماعية في المنطقة على غرار الاختلاف العرقي بين أبناء المنطقة ونقص المشاريع التنموية والترفيهية بها من جهة أخرى".

  هكذا بدأت صحيفة "الجزائر" تحقيقا لها نشرته يوم أمس تحت عنوان: " غرداية ... ما بعد العاصفة !"، حيث تحدث التقرير عن استمرار ممارسة الاسترقاق في الصحراء الجزائرية على عبيد اغلبهم تم جلبه من موريتانيا.

وجاء في التقرير تحت عنوان فرعي:

"العبودية في صحرائنا تنذر بما هو أكبر من أزمة غرداية

من بين الروايات المنتشرة عن الأزمة في غرداية هي رواية تمرد العرب المالكيين على إخوانهم الأمازيغ الإباضيين بدعوى انفجار طاقات الحقد الدفين منذ سنوات خلت، حيث يقال أن العرب كانوا يشتغلون عند الأمازيغ "الميزابيين" تحت ظروف سيئة، لكن مع مرور الزمن وبعد أن تمكن أبناء "العرب" من التفتح ومعرفة أسرار الحياة التي كان أباؤهم يعيشونها بدأوا في توفير طاقاتهم إلى إخراج ذلك الحقد، وبمساهمة أطراف تبقى مجهولة حسب ما استقصيناه من بعضهم تسارعت أحداث الفتنة إلى الأحداث الدامية.

هذه الرواية كانت تبدو لنا من ضرب الخيال، ولم نكن لنصدقها لو لم ننزل ضيوفا عند أحدهم بولاية الأغواط التي تحد ولاية غرداية شمالا أين رأينا لأول مرة حياة كتلك التي تصور لنا في الأفلام عن الماضي الغابر في شعاب صحراء شبه جزيرة العرب، كنت أود الاقتراب من أحد العبيد عند صاحب الدار إلا أنه كان منحصرا هناك خارج الدار يأخذ قسطه من الراحة بعد يوم عسير قضاه في تتبع أثار الجمال والماعز وسط فيافي صحراء الأغواط. الساعة تشير إلى الثامنة، كانت علامات الشفقة والاستبداد تبدو في عيني الرجل وهو يأمر "خدامه" أو "عبده" بالإسراع إلى المدينة قصد المجيء ببعض الخبز وهو يقول له: "حذار أن تأكلك الكلاب اذهب من الطريق الفلانية وعد مسرعا" هي بعض الكلمات ستبقى راسخة في ذهن ذاك الأسود إلى أن يتمكن من إنجاز مهمته كما أنها ستبقى محفوظة في أذهاننا ما دمنا قد جبلنا على أن زمن العبودية قد ولّى ولا مكان له بيننا سيما ونحن نعيش ما بعد القرن العشرين.

ما إن خرجنا من عند مضيفنا حتى هممت أسأل مرافقنا عن سر تلك الطباع المختلفة التي يعامل بها الرجلان شديدا السواد والمختلفان في لباسهما الصحراوي الرث وكذا اللهجة الغريبة التي كان يتكلم بها أحدهما أمام سيده، ويا ليتنا لم أسأل لأن مرافقنا أخبرني بصريح العبارة بأن الناس في صحرائنا لا زالت تباع وتشترى فيما أورد قائلا أن أغلب هؤلاء السود يؤتى بهم من موريتانيا وتنتشر تجارتهم في جنوب ووسط الصحراء على غرار بعض مناطق الأغواط، غرداية، إيليزي وجانت وكذا لدى فئات التوارق مضيفا أن صديقه الذي يعمل في سونطراك كان مؤخرا قد اشترى امرأة زوجها لعبده المملوك منذ سنوات، هذا وتتعدد أعمال هؤلاء السود من تنظيف أماكن مبيت الجمال والنوق إلى تتبع أثرها فيما تكتفي النساء بالقيام بأشغال المنزل وحلب النوق قبل ذهابها وخروجها في الصباح الباكر بالإضافة إلى الأعمال الشاقة الأخرى في بيئة صحراوية صعبة جدا وهو ما يجعلنا نقول إن انتشار مثل هذه المعتقدات قد ينذر بما هو أسوأ مستقبلا خاصة في ظل تراكم الأزمات على الحدود الجزائرية خاصة الجنوبية منها وهو ما يسمح باستغلال هذه الذهنيات في إيقاظ الحس لدى أبناء هذه الطبقات المهمشة لكي تثور ضد الظلم والاستبداد قبل أن تتخذ إجراءات صارمة من طرف الحكومة للحد من انتشارها".