أبو حفص الموريتاني: بن لادن كان يدير التنظيم بانفرادية مطلقة
الاثنين, 23 ديسمبر 2013 11:28

altaltقال مفتى القاعدة سابقا محفوظ ولد والد الملقب أبو حفص الموريتاني إن من أهم أسباب استقالته من تنظيم القاعدة هو عدم امتثال زعيمه السابق أسامة بن لادن لأوامر الملا عمر وإعلانه الجهاد على أمريكا دون الأخذ برأي هيئة الإفتاء بشأن مشروعية ذلك الجهاد.

وأضاف ولد والد فى مقابلة مع قناة الآن  أن بن لادن رحمه الله كان يدير التنظيم بانفرادية مطلقة ولم يستشر أحدا وأنه كان "كل شيئ فى التنظيم". وهذا نص المقابلة: واكشوط ، 12 ديسمبر 2013 ، آسيا عبدالرحمن، أخبار الآن – العام الماضي، 2012، كان حافل في حياة ومسيرة أبو حفص الموريتاني، المفتي السابق للقاعدة. في النصف الأول من العام، رُحل من إيران إلى بلده موريتانيا، وفي النصف الثاني أطلق سراحه ليعيش بين أهله في نواكشوط. أبو حفص، واسمه محفوظ ولد الوالد، كان أحد أهم ثلاث شخصيات في القاعدة بعد أسامة بن لادن، والظواهري. كان يرأس الهيئة الشرعية؛ أي أنه كان بمثابة مفتي القاعدة في بداياتها. بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر، ترك أبو حفص القاعدة احتجاجا على تلك الهجمات وما كان سيتبعها. لاحقا، فرّ مع آخرين، أيضا من كبار قيادات القاعدة، إلى إيران. هناك، أمضى عشر سنوات انتهت بترحيله إلى بلده. تطور الأحداث على هذا النحو له دلالات مهمة؛ فالرجل الذي رئس الهيئة الشرعية في القاعدة، هو نفسه الذي خالف طرقها في استهداف المدنيين؛ وكان حريصاً حيث فسر مخالفته هذه بناءً على أسس شرعية ودينية.  المراقب لهذا الكلام لن يستغرق طويلا قبل أن يلحظ أنه بينما تتاجر القاعدة وموالوها بالدين، نجد أن قيادات هامة فيها وعلى مستوى متقدم من العلم إكتشفت علل القاعدة؛ فاختارت الابتعاد. في المرة الثانية فقط في تاريخه التي يجري فيها أبو حفص مقابلة مع وسيلة إعلامية عربية أو عالمية، التقيناه في بيته في نواكشوط واستوضحنا منه على كثير من الأمور مثل: كيف يرى مسار القاعدة الآن؟ ما رأيه في الهجمات التي يقوم بها مؤيدو القاعدة في أكثر من بلد في العالم؟ ماذا يقول عن سوريا، وإيران؟ ماذا يعرف عن مقتل أسامة بن لادن؟ إليكم نص المقابلة. أخبار الآن:  أهلا بكم في هذا اللقاء الخاص والحصري على شاشة تلفزيون الآن والذي نستضيف فيه الرجل الثالث في تنظيم القاعدة ومفتيها سابقا، الشيخ محفوظ ولد الوالد المعروف بـ أبو حفص الموريتاني. أهلا بك معنا. أبو حفص:  أهلا وسهلا ومرحبا، حياكم الله. أخبار الآن:  بداية، نشكركم على قبول استضافتنا للرد على بعض الأسئلة التي تهم المشاهدين الكرام. أبو حفص:  أهلا وسهلا، حياكم الله. أخبار الآن:  ما الذي حدث حتى تحولتم من نهج القاعدة؟ صف لنا تلك اللحظة التي أدركت فيها أن القاعدة لم تكن على صواب. أبو حفص:  بسم الله الرحمن الرحيم. والحمد لله وحده. وصلى الله وسلم على من لا نبي بعده: نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين والتابعين وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين. هذا السؤال تحتاج الإجابة عليه إلى تمهيد. القاعدة عندما تأسست في نهاية الثمانينات تأسست للجهاد في سبيل الله ومقاومة المحتلين السوفييت في أفغانستان وقد أبلت بلاء حسنا في هذه المهمة حتى خرج الروس مهزومين من أفغانستان وحتى سقط النظام الشيوعي في كابول في ربيع 1992 من القرن الماضي ميلادي. ولم تقم القاعدة في هذه الفقرة بشيء يستدعي الاستقالة منها، بل كانت كل أعمالها جيدة ومرضية. ولما سقطت كابول في أيدي المجاهدين وبدأ الاقتتال بين الأحزاب الجهادية على السلطة في كابول، وظهر للقاعدة أنه قتال على السلطة والحكومة وليس جهادا في سبيل الله، اعتبرته فتنة وتركته وخرجنا إلى السودان، وكان ذلك أيضا تصرفا صائبا تجاه تلك الأحداث. فترة السودان بدأت من عام 1992 إلى عام 1996. في هذه الفترة قامت قامت القاعدة بمساعدة السودان في مجال البنى التحتية والاستثمار والزراعة؛ وحسنا فعلت، لأن هذا من باب التعاون على البر والتقوى. ولم يكن في هذه الفترة من أعمال القاعدة ما يدعو إلى استقالتي منها والانسحاب منها وقد كانت أعمال مرضية وموافقة للشرع. أُخرجت القاعدة من السودان عام 1996 وانتقلت إلى أفغانستان. المرحلة الثانية من مراحل أفغانستان. هذه المرحلة هي التي بدأت تشهد نوعا من الخلاف بيني وبين الشيخ أسامة بن لادن رحمة الله عليه. وكان هذا الخلاف له أسبابه. أهم هذه الأسباب هو إعلان الشيخ أسامة رحمة الله عليه الجهاد على الأمريكان في هذه الفترة. طبعا لا شك أن أي مسلم له غيرة على دينه وعلى عقيدته وعلى أمته يرفض وجود القوات الأمريكية والغرب في جزيرة العرب وفي بلاد الحرمين وفي مختلف بلاد المسلمين. ولكن رفض هذا الأمر واستنكاره شيء وإعلان الجهاد دون وجود مقومات لهذا الجهاد ودون وجود ظروف مناسبة لهذا الجهاد شيء آخر. كان أول خلاف لي مع الشيخ حول هذه النقطة. فقد كنت معترضا على إعلانه الجهاد على الأمريكان في تلك الفترة من دون وجود مقومات لهذا الجهاد. السبب الثاني من اسباب خلافي مع الشيخ رحمة الله عليه هو مخالفته المستمرة لأوامر الملا عمر زعيم حركة طالبان فيما يتعلق بعملياته ضد الأمريكان. طبعا الشيخ أسامة خرج مطروجا من السودان من قبل أصدقائه وأصحابه في حكومة السودان. ولما جاء إلى أفغانستان، تنكر له أصحابه السابقون أيضا: حكومة رباني والسيافي التي كانت تحكم كابول. وقد اتفقت هذه الحكومة على تسليمه ومن معه للدول التي تطالب به. في هذه الفترة جاءت حركة طالبان واستولت على كابول واستولت على السلطة في أفغانستان واحتضنت الشيخ رحمة الله عليه وآوته ودافعت عنه وخسرت الكثير من أصدقائها في سبيل حماية هذا الشيخ وقاومت ضغوطا كثيرة من السلطات السعودية والباكستانية والأمريكية في هذا المجال. فكان من الواجب أن يبدي الشيخ قدرا من التعاون والتفهم لموقف وظروف الحركة وألا يحرجها بأعمال عسكرية لا تستطيع أن تتحمل ردود الفعل عليها. ولكن الشيخ لم يفعل ذلك. بل أصر على خوض حربه مخالفا أوامر الملا عمر. وكان ذلك سببا آخر من أسباب الخلاف مع الشيخ رحمة الله عليه. أمر كان كان من المفروض يأخذ به الشيخ وهو أنه ضيف لدى حركة طالبان والملا عمر هو الحاكم الشرعي لهذه البلاد وإعلان الجهاد والحرب هو من صلاحيات الحاكم المسلم وليس من صلاحيات أفراد الأمة ولكن الشيخ أيضا لم يأخذ بذلك مع أنه يعترف بشرعية الملا عمر وأصر على خوض حربه ضد الأمريكان ما تسبب في النهاية في سقوط الإمارة الإسلامية في أفغانستان. السبب الثالث من أسباب اختلافي مع الشيخ رحمة الله عليه هو عدم الانضباط في الأخذ بالفتاوى الشرعية، أحيانا، فأنا كنت رئيس اللجنة الشرعية ومن المفترض ألا يقوم التنظيم بأية أعمال إلا بإذن الموافقة من اللجنة الشرعية؛ وأحرى أن يقوم بأعمال أفتت اللجنة الشرعية بعدم مشروعيتها. الشيخ رحمة الله عليه في الأمور التي كان يعلم أنني أعارضه فيها كان يقدم على بعض الأعمال دون استشارتي أحيانا وفي الأمور التي أبدي فيها رأيا مخالفا له كان أيضا لا يلتزم بذلك الرأي وهذا أيضا مأخذ آخر ليس لأنه لم يأخذ برأيي وإنما لأنه من وجهة نظري لم يأخذ الفتوى الشرعية اليت يجب أن يأخذ بها. السبب الرابع في تركي القاعدة هو المركزية الشديدة للشيخ أسامة رحمة الله عليه في إدارة التنظيم. فالشيخ رحمة الله عليه كان كل شيء في كل شيء ولم يكن يعطي صلاحيات أو أدوار لمجلس الشورى مثلا أو اللجان الفرعية والمسؤولين الآخرين وهذا كان محل اعتراض مني أيضا. أنا كنت أرى أن الشورى ملزمة وأن ما اتفق عليه مجلس الشوري لا يجوز للأمير أن يخالفه وكان للشيخ رأي آخر. هذه الأسباب تواجدت في السنوات الأخيرة في أفغانستان لكنها تكثفت وتركزت في الفترات الوجيزة قبل أحداث سبتمبر، فكان إصرار الشيخ على أحداث سبتمبر مع مخالفتنا له في اللجنة الشرعية ومعارضتنا له في مجلس الشوري ومعارضة حركة طالبان له وجميع الحركات الجهادية الموجودة في الساحة في أفغانستان. هذا كان الحد الفاصل الذي دفعني إلى تقديم استقالتي للشيخ رحمة الله عليه. أخبار الآن:  هل تعرضت للوم بعد انفصالك عن القاعدة؟ أبو حفص:  كثير من الأخوة الكبار في التنظيم لم يفاجئهم قرار استقالتي لأنهم كانوا على اطلاع على فتور العلاقة في الفترة الأخيرة بيني وبين الشيخ رحمة الله عليه، وبالخلاف الذي كان بيني وبينه؛ بالتالي لم يفاجأ كثير عندما أعلنت استقالتي. بعض الشباب المتحمسين الصغار ربما صدر عنهم بعض الكلام وأنا يتسع صدري للوم هؤلاء وعتابهم طالما نيتهم حسنة ومقصدهم سليم. أخبار الآن:  بعد وفاة أسامة بن لادن، هل تغيرت القاعدة؟ أبو حفص:  لا أعتقد أن وفاة الشيخ رحمة الله عليه أحدثت تغيرا كبيرا في التنظيم لأن الشيخ في فتراته الأخيرة كانت قيادته للتنظيم قيادة رمزية بل كان التنظيم المركزي كله في حالة ضمور وحالة انكماش في حين كان معظم أنشطة القاعدة هو أنشطة الفروع في الأقاليم الأخرى وبالتالي لم يكن لغياب الشيخ تأثير كبير على التنظيم. ولكن التنظيم عرف تغيرا قبل وفاة الشيخ رحمة الله عليه. التنظيم نمت له فروع في أقاليم متعددة وهذا ما لم يكن من قبل. التنظيم بدأ يقوم بأعمال كان التنظيم المركزي قد تخلى عنها من قبل وهي مقاتلة الحكام ومواجهة الأنظمة. وهذا لم يكن من سياسة التنظيم المركزي ولكن هذا حدث في السنوات التي أعقبت غزو أفغانستان وكان هذا ردة فعل للغزو. التنظيم في الوقت الذي وصلت فيه أحداث سبتمبر وحصل فيه الغزو لأفغانستان كان يضم عشرات من الأفراد أو المئات على أقصى تقدير في أفغانستان ولكن الحرب حولته إلى تنظيم عالمي وفروع عابرة للقارات وفكر يسري في واقع الأمة و بالتالي كانوا يتحركوا تلقائيا وذاتيا دون الرجوع للشيخ وبالتالي لم يكن غياب الشيخ مؤثرا تأثيرا كبيرا في حركة وسير التنظيم. أخبار الآن:  كيف تنظر إلى ما جرى في نيروبي وبيشاور؟ أبو حفص:  لعلك تقصد أحداث المجمع التجاري والكنيسة. على كل حال، أنا سبق أن أعلنت مرارا أنني أرفض استخدام القوة وقتل المدنيين الأبرياء غير المسلحين لأي سبب كان. أخبار الآن:  لا شك أنكم متتبعون لما يحدث في سوريا وأن السوريين يشتكون اليوم من ممارسات دولة العراق والشام المحسوبة على القاعدة. كيف ترى ما تقوم به؟ أبو حفص:  في الحقيقة السوريون يشتكون من أشياء كثيرة. السوريون يشتكون من نظام يذبح شعبه في عالم يتفرج على المأساة. السوريون يشتكون من حرب طائفية تقودها إيران وحزب الله وشيعة العراق أو بعض شيعة العراق. السوريون يشتكون من دول دفعت بهم إلى تسليح ثورتهم ثم تخلت عنهم في وقت حرج. والسوريون يمكن أن يكونوا يشتكون من تصرفات وأخطاء بعض الجماعات المحسوبة على الجهاد. ليست لدي تفاصيل في هذا الشأن، ولكني لا أستبعد أن يكون بعض هذه الجماعات لديهم نوع من الغلو في التكفير ولديهم نوع من التوسع في استباحة الدماء. لا أستبعد أن يكون هناك شيء من هذا القبيل وأنا أوصي هؤلاء بأن يتقوا الله سبحانه وتعالى في أنفسهم وفي الشعب الذي جاؤوا لنصرته وأن يضبطوا أحكامهم على الآخرين بضوابط الكتاب والسنة ومنهاج أهل السنة والجماعة وأن يتقوا الله في دماء المسلمين. "فلا يزال المرء في بحبوحة من دينهم ما لم يسفك دما حرام." أخبار الآن:  يقال أن أيمن الظواهري فقد السيطرة على فروع القاعدة بما فيها فرعها في الشام. كيف ترى إدارة الظواهري للأمور؟ أبو حفص:  ليست لدي تفاصيل عن طبيعة العلاقة بين الدكتور أيمن الظواهري وبين فروع التنظيم في الأقاليم المتعددة ولكني لا أستبعد أن يكون بعد المسافة والتباعد الجغرافي بين هذه الفروع وبين القيادة المركزية وصعوبة التواصل وظروف الملاحقة والمطاردة التي يتعرض لها الجميع. لا أستبعد أن تكون هذه أسباب في ضعف التواصل بين القيادة العامة والفروع ولكني شاهدت في الفترة الأخيرة في الإنترنت بعض التوجيهات من الدكتور أيمن وبعض الأوامر حتى للفروع في العراق والشام تدعوهم للالتزام بتلك التعليمات ومن تلك التعليمات إلغاؤه لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق ولاشام وإلزامه لفرع العراق الإلتزام بحدود العراق وفرع الشام الالتزام بحدود الشام. وهذا يدل على انه بينه وبينهم تواصل وله عليهم نوع من النفوذ لكن لا أعرف مدى قوة أوضاع ذلك النفوذ. أخبار الآن:  لو كنت مكان الظواهري، هل كنت ستكون مختلفا؟ أبو حفص:  سؤال عجيب. هذا سؤال مغرق في الافتراض حقيقة. لا أظن أنه في المستقبل القريب سأكون مكان الظواهري. تجاوز هذا السؤال إلى غيره. أخبار الآن:  بماذا تنصح الظواهري؟ أبو حفص:  أنصح الظواهري أن يتقي الله سبحانه وتعالى. فتقوى الله عز وجل هي وصية الله للأولين والآخرين وأنصحه أن يتجنب الأخطاء؛ تكرار الأخطاء التي حصلت في العهود السابقة ولا أشك أنه على اطلاع بها. وأنصحه أن يبذل مزيدا من الجهد في توجيه فروع التنظيم والوقوف في وجه موجة الغلو في التكفير والتوسع في استباح دماء المسلمين. استباح دماء المسلمين أمر عظيم وخطير وتكفير المسلمين مزلق خطير وكبير. وهذه من أشد الأخطاء التي تقع فيها الجماعات الجهادية. أخبار الآن:  هل تتفق مع من يقولون إن الظواهري اتخذ قرارات سيئة جعلت الكثيرين يعانون في القاعدة؟ === أبو حفص:  لما تركت القاعدة لم يكن للدكتور أيمن الظواهري دور في اتخاذ القرارات المصيرية بالنسبة للتنظيم. لم يكن هو من يتخذ القرار. وثم بعد ذلك كان معظم أنشطة القاعدة وأنشطة الفروع؛ والفروع غالبا تتخذ قراراتها بنفسها دون الرجوع إلى القيادة المركزية. وبالتالي لا أتذكر قرارات توصف بأنها سيئة اتخذها الدكتور أيمن، ولا حتى غيرها. لا يحضرني شيء من هذه القرارات لأنني تركت التنظيم منذ فترة طويلة. لكني في إحدى المرات سمعته يتكلم عن الأخوة في حركة حماس بشدة وحدة دون تقدير لظروفهم. لا شك أن النصيحة مطلوبة لكن من المهم تقدير ظروف الآخرين. كثير من الناس يعرف أن ميتة اللحم تجيزها ضرورة الجوع. ولكن قليل من الناس يعرف أن ضرورة السياسة تبيح أكل ميتة السياسة. الأخوة في حماس في ظروف خاصة ويضطرون لبعض الأمور التي قد لا يكونوا هم مقتنعين بها في حالة الاختيار ولكن حالة الاضطرار تختلف عن حالة الاختيار. الضرورة تبيح المحظورات لكن يجب أن تُقدّر بقدرها. لو كنت مكانه لكنت أقل حدة وأكثر تقديرا لوضع الأخوة في حماس. أخبار الآن:  كنت رئيس الهيئة الشرعية في القاعدة وهذا منصب مهم. كنت مفتيا للقاعدة. كإنسان عاش تجربة ورأى الصواب، ماذا تقول للشباب المسلم الذي تأثر بفكر القاعدة؟ أبو حفص:  أنا أريد أن أصحح مسألة وهي أنني لم أكن على فكر ثم اقتنعت بغيره. الفكر الذي عليه أنا الآن هو الفكر الذي كان عندي من قبل. القاعدة هي التي خرجت من وجهة نظري عما كان خطا مشتركا بيني وبينها. لهذا تركتها. هذه مسألة. نصيحتي للشباب هي كما قلت، أن يتقوا الله عز وجل. فتقوى الله عز وجل هي وصية الله للأولين والآخرين. وصيتي لهم الثانية هي أن يدرك ويعلم أن الجهاد مثلما هو ذروة سنام الإسلام وهو العبادة التي لا يعدلها شيء، فهو مع ذلك، لا بد له من شروط ومقومات. بدون هذه الشروط والمقومات لا يحقق الجهاد وأهدافه ولا تترتب عليه الثمار المرجوة من ورائه. الجهاد لا بد له من مقومات شرعية. المقومات الشرعية هي استيفاؤه للمشروعية الفقهية لفتاوى العلماء العاملين الجامعين بين العلم بالشرع والعلم بالواقع وخشية الله عز وجل. فلا يصح أن يقوم بالجهاد أو أن يعلن الجهاد كل من هب ودب. ولو كانت نيته حسنة وقصده سليم. لا بد للجهاد من مقومات مادية؛ هذه المقومات المادية يعرفها أهل الخبرة والاختصاص. ثم أنصح هؤلاء الشباب بأمر أكدت عليه أكثر من مرة وهو البعد عن تكفير المسلمين. الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: من قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما. ومنهج أهل السنة والجماعة يضع شروطا وضوابط شديدة في باب التكفير والفسير والحكم على الآخرين. وللأسف كثير من الشباب لا يلتزم بهذا المنهج وستوسع في التكفير والتفسير والحكم على الآخرين. الوصية الأخرى هي أن يحتاطوا في دماء المسلمين. وأن يبتعدوا عن الخوض فيها. الله عز وجل يقول: "ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها. غضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما." والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا التقى المسلمان، سيفيهما، فالقاتل والمقتول في النار." والرسول صلى الله عليه وسلم يقول، وهو جنب الكعبة: "ما أطيبك وأطيب ريحك، وما أعظمك وأعظم حرمتك! والذي نفس محمد بيده، لحرمة المؤمن أعظم عند الله من حرمتك؛ دمه وماله وأن يُظن به إلا خير." ويقول صلى الله عليه وسلم: "لا يزال المرء في بحبوحة في دينه ما لم يصب دما حرام." دماء المسلمين أمر عظيم. ولذلك لما حصلت الفتنة في عهد الصحابة، رضي الله عنهم، قام كبار الصحابة باعتزال هذه الفتنة. سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه وهو أحد الشورى الستة؛ وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة؛ لما عوه إلى القتال في تلك الفتنة التي جرت في ذلك الوقت، قال: "لا أقاتل حتى تأتوني بسيف له عينان ولسان وشفتان يبين المؤمن من الكافر." عبدالله بين عمر رضي الله عنه، رفض الدخول في شيء من ذلك. جاءه رجل مرة، فقال له: "يا أبا عبدالرحمن إن الله عز وجل يقول: ‘وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهم، فإن بغت إحداهما بالأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله.‘ لماذا لا تقاتل الطائفة التي تبغي؟" فقال له: "يا ابن أخي. أن أعُيّر بهذه الآية ولا أقاتل أحب إلي من أن أُعيّر بهذه الآية." وقرأ قوله تعال: "ومن يقتل مؤمنا متعمدا جزاؤه جهنم خالدا فيها. غضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما." وكذلك عبدالملك بن مروان، جاء إلى ايمن بن خريم ودعاه إلى القتال معه. فقال له أيمن بن خريم: "إن أبي وجدي شهدا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة بدر. وإنما عهدا إليّ ألّا أقاتل رجلا يقول لا غله إلا الله محمد رسول الله. فإن أنت جئتني ببراءة من النار، قاتلت معك." قال: "فاخرج عني." فخرج عنه وهو يردد أبيات من الشعر يقول فيها: ولست بقاتل رجلا يصلي على سلطان آخر من قريش                                   له سلطانه وعليّ إثمي؛ معاذ الله جهل وطيش الصحابة رضي الله عنهم، حتى الذين دخلوا في ذلك القتال بتأويل، ندموا على ذلك. علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقول في صفين؛ الحسن رضي الله عنه يقول له: "لله مقام قامه سعد وعبدالله بن عمر. إن كان برا إن أجره لعظيم؛ وإن كان إثما إن خطأه ليسير. ما كنت أظن أن الأمر يبلغ ما بلغ." والتاريخ يشهد على أن كثيرا من الحركات التي قامت بقصد تغيير المنكر والثورة على الأنظمة الفاسدة انتهت إلى فشل وتحولت إلى مآسي، مع أن أصحابها يحتسبون الأجر ويريدون الإصلاح ولكن أعمالهم لم تكن مضبوطة بضوابط الشرع فكانت تلك هي النتيجة. Break أخبار الآن:  هل لك أن تحدثنا عن لماذا اخترت إيران بعد انفصالك عن القاعدة ومن غادر معك إليها؟ أبو حفص:  أنا في الحقيقة لم أختر إيران اختيارا، ولكن اضطررت إليها اضطرارا. نحن عندما سقطت أفغانستان لم يكن لنا منفذ ومخرج إلا إلى باكستان أو إلى غيران. باكستان معروف موقفها؛ فقد كان برويز مشرف أمريكيا أكثر من الرئيس بوش؛ وبالتالي لم يكن هناك مخرج إلا إلى إيران. وإيران في الحقيقة تقدمت بعرض واستعداد لاستقبالنا في هذه الظروف، فدخلت إليها مضطرين لاننا لم نجد غيرها. أخبار الآن:  كيف كانت إقامتك في إيران؟ وهل التقيت خلالها مسؤولين إيرانيين؟ أبو حفص:  إقامتي في إيران كانت تتراوح من ضيافة كريمة في الأول، إلى اعقتال ظالم في مرحلة بعد ذلك؛ إلى مزيج من الاثنين في مرحلة لاحقة. قابلت بعض المسؤولين من رتبة وزير فما دون. وقابلت بعض علمائهم وبعض مسؤوليهم؛ فضلا عن المسؤولين الأمنيين الذين كانت علاقتي مباشرة معهم. أخبار الآن:  هل كانت إيران تستفيدي من وجودكم هناك؟ أبو حفص:  لا شك أن إيران دولة تلعب على جميع الحبال. وهي تتحالف مع شخص وتتحالف عليه في نفس الوقت. فإيران ساعدت الأمريكيين في احتلال أفغانستان واستضافت بعض عناصر القاعدة وحركة طالبان في الوقت ذاته. ولا شك أن وجودنا عندها كان يضع بيدها ورقة رابحة تستطيع المساومة بها، بل وتستطيع اللعب بها عند الضرورة. من هذا المنطلق، كان احتفاظها بالأخوة الموجودين عندها. أخبار الآن:  خرجت أنت وأبو غيث. ماذا عن الآخرين؟ ماذا يمكن أن تقول لأهلهم الآن الذين يشاهدونك؟ أبو حفص:  أقول لهم لم يتبق من الأخوة إلا قليل حسب علمي. بقيت تقريبا في إيران ثلاث أسر فقط، وهم في ظروف جيدة. أحسن بكثير من ذي قبل. وإن شاء الله سبحانه وتعالى يسر أمورهم وجعل لهم فرجا وأخرجهم مما هم فيه. أقول لأهلهم: اجتهدوا في الدعاء وعليكم بالصبر ولَرُبّ نازلة يضيق بها لافتى ذرعا وعند الله منها المخرج ضاقت فما استحكمت حلقاتها فرجت وكان يظنها لا تفرج فرج الله قريب وإن شاء الله سبحانه وتعالى يمن عليهم بالفرج والتحرر من الوضع الذي هم فيه ويمن على بقية المسلمين بتفريج كرباتهم إن شاء الله. أخبار الآن:  أبو غيث سجين الآن بتهمة الإرهاب وهناك غيره. هل كان الأمر كله يستحق هذا العناء وهذه الخواتيم؟ أبو حفص:  الشيخ أبو غيث مل يكن إرهابيا. الشيخ أبو غيث أخ فاضل. أحسبه كذلك ولا نزكي على الله أحدا. وهو أحد الدعاة الذين جاؤوا في الفترة الأخيرة إلى أفغانستان ولم تكن له علاقة بأي أعمال عسكرية حتى لم يأت إلا قبل أحداث سبتمبر بقليل. وبعد الأحداث بقليل خرج من أفغانستان وبقي معنا في إيران إلى أن اعتقل في تركيا أثناء توجهه إلى بلده. الشيخ أبو غيث ليس إرهابيا أبدا. الشيخ أبو غيث كنت معه في آخر فترة في إيران قبل خروجي. وهو معترض على كثي رمن أعمال القاعدة وغير موافق عليها. حدثني عن رغبته في العودة إلى بلاده لمواصلة مشواره الدعوي والتربوي وإمامة وخطابة مسج�