هل يسير ولد عبد العزيز على خطى شار تيلور؟!
الجمعة, 26 يوليو 2013 20:55

altalt مما لا مراء فيه أن المتصفح للسير الذاتية لكل من رئيس الدولة الموريتاني الحالي محمد لد عبد العزيز والرئيس الليبيري السابق شار تيلور، سيكتشف الكثير من أوجه التشابه بين حياة الرجلين.

من هذا التشابه ما يتعلق بالمواطنة أولا ومنها ثانيا طرق وصولهما الى السلطة ،بانقلاب كل منهما على ولي نعمته ،كما تشابهت سيرهما بعد ذلك في نمط حكامتهما وفي معاملتهما للخصوم السياسيين وعلاقاتهما بدول الجوار وتشابهت سيرهم ايضا في اتهام كل منهما بتجارة المحظورات والتعامل مع المافيا والثراء بالطرق المشبوهة والغدر بالمحسنين عليهم أيام عسرتهم.

كما يلاحظ اليوم بصورة جلية وجه الشبه بين موقف ولد عبد العزيز من ما يجري في دولة مالي المجاورة لموريتانيا مع موقف صنوه شار تيلور من الصراع في سارليون المجاورة لبلاده ،في الفترة ما بين 1997 الى 2003 ،حيث ساند تايلور فصيل  الحرب الأكثر دموية وتورطا في مختلف انواع الجريمة المنظمة والمتاجرة بالمخدرات وحماية العصابات التي تنهب خيرات البلاد خاصة الماس وهو ما جعل محكمة العدل السامية توجه له تهمة  بارتكاب جرائم حرب،اعتقل بسببها يوم 29 مارس 2006 بعد مطاردة دامت سنة كاملة ونقل الى سجن محكمة لاهاي التي اصدرت حكمها عليه بتاريخ 26 ابريل 2012 بالسجن 50 عاما بتهمة ارتكاب جرائم ضد الانسانية وجرائم حرب.

ودوافع تيلور لموقفه آنذاك من صراع سرليون ،التي قادته الي مصيره الحالي، يتهم ولد عبد ولد عبد العزيز بأنها هي نفس دوافعه لمواقفه من احداث مالي، حيث تحالف، بداية تحت يافطة حربه على الارهاب وتوغل الجيش الموريتاني داخل الشمال المالي، مع الطوارق وصنف العرب الماليين أعداء لموريتانيا وتجار مخدرات متحالفين مع الارهابيين ووجه لهم ما اعتبره إهانات أليمة تمثلت في قضية عمر الصحراوي وعملية المزرب وهي قضايا اعتبرها عرب أزواد طعنة لم يتوقعوها أبدا من موريتانيا التي ظلوا يعتبرونها عمقهم الديمغرافي والجغرافي وظهيرهم السياسي والأمني. 

في حين فتح ولد عبد العزيز ذراعيه لاحتضان الحركة الوطنية لتحرير ازواد  MNLAالمتشكلة اساس من الطوارق وساندها في حربها على النظام المالي في اقليم ازواد وهو الموقف الذي يقتنع سكان الجنوب المالي (الزنوج) بأنه كان وراء الإطاحة بنظام توماني توري واحتلال منطقة ازواد ويتهمون ولد عبد العزيز بالدخول في مشاكل بلدهم الداخلية بدوافع يقولون انها تتعلق بالتجارة المحظورة.

وقد شكل اعلان MNLA، استقلال اقليم ازواد عن دولة مالي المركزية ،حرجا لنظام موريتانيا مما جعله تيشد من جديد ود عرب ازواد واستقبل الهاربين منهم من مالي بعد انقلاب سنوغو ونظم لهم اجتماع انبكت لحواش إلا أن عدم مشاركة موريتانيا في الحرب التي قادتها فرنسا لإخراج الحركات الجهادية من الشمال المالي ،زاد عداء الماليين الجنوبيين لموريتانيا ،التي توجد اليوم في وضع لا تحسد عليه، مما يجري في مالي التي ستنظم انتخابات رئاسية بعد يومين، في حال نجاحها في انتخاب رئيس للبلاد، ستشكل مرحلة حاسمة في رسم خريطة مالي مستقبلا و ستؤثر لا محالة على دول الجوار المالي وفي مقدمتها موريتانيا.

ومن الملاحظ أن موريتانيا لم تفلح في أن يكون لها دور في تحضير هذه الانتخابات، كما كان للجزائر، التي تحاول استخدام الفضاء الموريتاني لإيواء اجتماعات بين بعض فصائل عرب ازواد ممثلين في الجبهة العربية لتحرير ازواد، والطوارق ممثلين في الجبهة الوطنية لتحرير ازواد والمجلس الأعلى لازواد وذلك بهدف تنسيق مواقف الطرفين لتصور حلول مشاكل سكان اقليم ازواد بما يضمن بقاءهم داخل الدولة المركزية المالية.

ويأتي سعي الجزائر لعقدت هذه الاجتماعات في موريتانيا، حرصا منها على حضور لها شخصيات مؤثرة في تحقيق الاستقرار في المنطقة، وهي شخصيات مصنفة دوليا ضمن عصابات الاجرام إما بمتاجرتها بالمخدرات أو بمشاركتها في اعمال إرهابية من ضمنها اختطاف أجانب .

وفي هذا الاطار تتردد على موريتانيا منذ فترة شخصيات عديدة من عرب ازواد  وبعض المسؤولين في الحركات الازوادية، بضيافة الحكومة الموريتانية ومن ضمن هؤلاء من صدرت مذكرات دولية لاعتقالهم.

ويجري الحديث عن عقد اجتماع هذه الايام  في نواكشوط يحضره نافذون ازواديون وقد وصل الى نواكشوط ليلة البارحة على متن الخطوط الجوية الجزائرية بدعوة من ولد عبد العزيز ،رجل لبرابيش القوي الموالي للجزائر دين ولد دايه.

والسؤال المطروح اليوم، هل ستمكن هذه الاجتماعات وانتخابات مالي ،إذا كتب لها النجاح ولد عبد العزيز من تفادي ان تجره مواقفه من احداث مالي الي نفس مصير شار تيلور؟.

فحسب توقعات المراقبين ،فالجواب يتوقف على مدى استجابة ولد عبد العزيز لأجندة الدول الغربية في المنطقة وقدرته علي التوفيق بين مواقفها وفرض مكانة لموريتانيا بالتنسيق مع دول المنطقة وفي مقدمتها الجزائر لرسم سياسة امنية لمنطقة جنوب الصحراء، التي تتشكل خريطتها اليوم بعد افرازات الخريف العربي.

  وفي هذا الاطار يتحتم على ولد عبد لعزيز مراجعة جميع مواقفه، التي اتخذها خلال السنتين الماضيتين في الشمال المالي والتي سببت شرخا عميقا في العلاقات بين موريتانيا ومالي علي الصعيدين الرسمي والشعبي وهذا يتطلب منه العمل علي جبهات عدة في آن واحد وبسرعة وحكمة تجنبه الانزلاق، خاصة أنه يسير على طرق متقعرة ومعالمها غير مضيئة ويقود سفينة متهالكة، فهل خبرة الرجل الميكانيكية ومهارته في السياقة، ستمكنه من تجاوز كل هذه العراقيل بأمان؟ وأن يسلك طريقا مغايرا لطريق لاهاي؟.

 

"ديلول"