على مصر التخلي عن الطريقة الرئاسية
السبت, 20 يوليو 2013 20:40

altaltإن أزمة الحكم في مصر عميقة جدا، فهي تُبرز فوق السطح انقسامات كُشف عنها بعد سنين كثيرة لنظام تسلطي نجح في إنشاء وحدة في ظاهر الأمر، بالتهديد باستعمال القوة أو بتحقيق التهديد. وهكذا انتقضت يوغسلافيا بعد تيتو،

والاتحاد السوفييتي بعد الحكم الشيوعي. وتجد جارتنا العربية الكبرى نفسها ممزقة بين الحركات الإسلامية والمجموعات العلمانية، ويوجد في كل معسكر انقسامات لا يمكن رأبها في ظاهر الأمر. وتأييد الحركة السلفية لعزل مرسي هو تعبير مفاجئ عن ذلك.

كان في الاستيطان اليهودي الذي سبق إنشاء الدولة والذي تشكلت مؤسساته مع بدء الانتداب البريطاني، كثير من الحركات السياسية مثلت تصورات عامة متباعدة، فكان هناك رافضو إنشاء دولة يهودية (الحريديون وجهات يسارية في أقصى الخريطة السياسية)، وحركات العمل، وحركات اليمين التي رفضت التكافل الطبقي وجعلت للقومية التفضيل الأول، وأحزاب أخرى اعترضت على غيرها بصورة جوهرية أو بصورة أقل جوهرية، لكن مع روح عامة وعداوة لا يُخزيان أعداء لدودين. وفي مجتمع لم يكن من الممكن فيه استعمال العقوبات، كانت أحكم الطرق هي تمكين كل واحدة من هذه المجموعات من التمثيل والتعبير عن الحركات الصغيرة أيضاً والإفضاء بالمنتخبين إلى إنشاء ائتلاف يحظى بالأكثرية من أعضاء الجسم الناخب.

ووجدت دعاوى كثيرة على الطريقة النسبية وعلى أن التمثيل الدقيق في الأساس يأتي على حساب القدرة على الحكم، وبعد عدة محاولات لتغييرها عُدنا في نهاية الأمر إلى الطريقة التي تؤكد التمثيل وتمنح السلطة المنتخبة بذلك شرعية واسعة. وفي مقالة نُشرت في صحيفة «نيويورك تايمز» يدعو بروس إكرمان مصر إلى تبني الطريقة البرلمانية والتخلص من الطريقة الرئاسية. وأقترح عليهم أن يدرسوا الطريقة الإسرائيلية التي توجد فيها نقائص غير قليلة، لكنها برهنت على استقرارها وهي تلائم بصورة خاصة مجتمعات توجد فيها اختلافات عميقة. إن انتخاب رئيس ذي سلطات واسعة حتى حينما يحظى بتفوق صغير جدا على منافسه يعني «كل شيء أو لا شيء» مدة أربع سنوات أو خمس. وقد استوعبت الولايات المتحدة جيدا قوانين هذه اللعبة، وهي تستطيع أن تحيا مع هذه الطريقة. وسيصعب على مصر جدا أن تُسلم بها، وعزل مرسي برهان آخر على ذلك.

إن طريقة يؤدي فيها الرئيس دورا رمزيا، ويكون فيها رئيس الحكومة قويا، ويجلس في الحكومة ممثلو أحزاب متنافسة ويؤلفون ائتلافا، وتحصل المعارضة في البرلمان أيضاً على تعبير مهم عنها، هي الطريقة الوحيدة كي لا يُبعد عن اللعبة السياسية المصرية الحركات العلمانية أو الحركات الإسلامية. وبغير تغيير الطريقة قد يتحول عزل مرسي إلى سابقة لن تحظى معها أية سلطة منتخبة بالشرعية.

 

العرب القطرية