تصريحات ولد عبد العزيز عن موعد الانتخابات :بين فرض الأمرالواقع والمناورات السياسية..!
الخميس, 16 مايو 2013 16:38

altaltعقد الرئيس محمد ولد عبد العزيز اجتماعا مع نواب الأغلبية وقد أكد خلاله استعداده لقبول نقاط مبادرة رئيس البرلمان مسعود ولد بلخير باستثناء نقطة مشاركة المعارضة في حكومة ائتلافية تشرف على الانتخابات المقبلة.

وقال ولد عبد العزيز خلال لقائه بنواب أغلبيته ـ وفق ما نقلته مصادر إعلامية ـ " انه رئيس منتخب من طرف الشعب ولن يقبل بإشراك المعارضة في أي حكومة توافقية " .

وشدد ولد عبد العزيز على أن الإنتخابات ستجري في موعدها الذي حددته اللجنة المستقلة للإنتخابات؛ نافيا أن تكون لديه أية نية في" تأجيلها أو تغيير موعدها"

وتتزامن تصريحات ولد عبد العزيز مع إعلان وسائل إعلام محلية عن إجراء إحصاء إداري ذي طابع انتخابي بداية شهر يونيو القادم، مما يعني أن ثمة اتجاها عاما لتنظيم الإنتخابات في آجالها المحددة..

لكن بعض المراقبين يعتقد ان الإعلان والتصريح الرئاسي لا يعدو كونه مناورة سياسية تهدف لإرباك المعارضة الموريتانية على طريقة 6-6 بهدف دفعها إلى التنازل ووضعها أمام الأمر الواقع لإجبارها على المشاركة في الانتخابات، ومن ثم تمكن إعادة النظر في الجدول الزمني، تماما كما حدث في رئاسيات 2009.

 

حديث عن واقع

من الصعب القول بأن حديث رئيس الجمهورية إلى نواب أغلبية بخصوص الانتخابات يدخل في "الإخبار عن واقع" ذلك أن الأمور لم تنضج بعد لدرجة إعلان أعلا سلطة في البلاد خبرا كهذا، فالرئيس الذي كرر قبوله بمبادرة مسعود ولد بلخير التي مازالت على الطاولة، لن يقدم على التضحية بقادة بارزين في المعارضة شاركوه الحوار من قبل، وقبلوا به رئيسا دستوريا للبلاد، بل وتصدوا لنظرائهم في المنسقية عند طرح موضوع الرحيل.

لذلك فإنه من المستبعد إطلاقا الإعلان عن المضي في طريق الانتخابات دون التشاور مع "المقربين" في المعارضة، أو إبلاغهم على الأقل بالموضوع قبل طرحه في وسائل الإعلام وعلى مائدة نواب الأغلبية..

وهنا تبرز فرضية المناورة السياسية..

لعبة 6-6 من جديد

يجنح العسكريون في خططهم الحربية إلى المناورة كأفضل طريقة لإرباك الخصم، وأخذه بالتالي على حين غرة، ولم يتخلص سياسيو العسكر من هذه الخطط فأسقطوها من ميدان المعارك الحربية إلى حلبات الصراع السياسية، ويمكن القول إجمالا إن ولد عبد العزيز كان الرئيس الموريتاني الأقدر على إرباك الخصوم والزج بهم في معارك لم يهيئوا أنفسهم لها..

ويتذكر الجميع رئاسيات 2009 حين أوهم المعارضة بأنه ذاهب إلى مدينة كيفة لإطلاق الحملة الانتخابية، في الوقت الذي كان رفاقه يجتمعون في داكار مع مناوئيه، وقد دفع هذا الخبر محاوري المعارضة إلى إسقاط العديد من النقاط التي كانت عالقة بهدف التوصل إلى أي اتفاق يحفظ لهم بعضا ممن ماء الوجه أمام الراي العام.

وأخير قبل الرئيس بحكومة وفاق وطني بعد أن جال في ربوع البلاد كافة، وهيأ نفسه جديا للمعركة، في الوقت الذي كان على المعارضة أن تلملم أوراقها في مدة لا تتجاوز 18 يوما هي الفترة الزمنية الفاصلة بين اتفاق داكار وافتتاح الحملات الانتخابية، وقد دفعت المعارضة الثمن فادحا بخسارة جميع مرشحيها في الدور الأول.

اليوم ربما يريد ولد عبد العزيزإعادة نفس السيناريو من جديد وإن اختلفت الظروف السياسية، فالرجل يدرك حجم التباين في مواقف مناوئيه، بل وحتى الصراع المحتدم بين بعضهم، ويعي جيدا أن أي اختبار جدي لتماسك جسم المنسقية سيعصف بها فورا..

وقد ألقى اليوم بهذا "الطعم" لإسقاط من يفكرون في اللحاق بالانتخابات في شباكه، وربما ينجح في الأخير قياسا على تجارب سابقة..

عندها سيكون الإعلان عن الموعد الانتخابي قد آتى أكله، وسيجد المعارضون أنفسهم مجبرين على الهرولة من جديد للحاق بالركب، وستعلن أحزاب مشاركتها دون شروط وستتحفظ أخرى في انتظار تلبية بعض المطالب "البسيطة" وبالطبع قد تنظر الحكومة في تلك المطالب، بل وتلبيها ايضا، لكن ذلك لن يكون على حساب الأغلبية التي بدأت الإستعداد مبكرا لهذه الإنتخابات..

والنتيجة هي دخول الطرفين المعترك بأدوات واساليب غير متكافئة، وبغض النظر عمن يخسر فإن الرابح في كل الحالات هو النظام الذي سينتزع من معارضيه اعترافا صريحا بشرعية وجوده للمرة الثانية..

 

نقلا عن اسبوعية "الصريح "المجانية العدد06 بتاريخ 14-05-2013