"الميدان" ترصد صرخات السجناء السلفيين في موريتانيا
الخميس, 02 مايو 2013 18:11

altaltداخل عنابر السجناء السلفيين في نواكشوط تبدو الحياة طبيعية في التعاطي مع المصير، زنزانات تضيق لتتسع معها صدور المسجونين، كلما لاح بريق أمل يرسم حلما متجددا بالخروج الى النور .

يقضي بعضهم احكاما بالمؤبد ومنهم من حكم عليه بسنوات او تزيد ورغم ذلك لا ينفك اكثرهم تشاؤما ينظر من داخل "مترين" إلى المساحات الفسيحة القريبة من جدران عنبره البعيدة حاليا من مطرقة القاضي.

 

"تقدمت باستئناف لتخفيف الحكم منذ فترة اسقطوا عني تهمة المشاركة في قتل امريكي في لكصر 2009 لكنهم لم يخففوا عني الحكم رغم سقوط تلك التهمة ، يقول السجين السلفي الموريتاني ديدي ولد بزيد والكلمات تتزاحم في حنجرته الصغيرة كحنجرة عصفور.

.مثل مسافر ينتظر عند محطة القطارـ واي محطة ـ يتمدد ولد بزيد على سريره يتعلق بنصفه الاخر زوجته ... وطفله الصغير الذي خرج الى الدنيا عندما كان والده في ظلمات السجون .. يحاول ان يرينا ابتسامته لان ضحكاته تحجبها اسوار من اسمنت مسلح .

تتثاقل الساعات كسنوات وتمتد الشهور كقرون ولا شيئ غير الشعور بالوحشة والندم يقول الفتى العشريني الذي عاش جانبا من صباه في سجن يقول انه ادخل اليه ظلما وحكم عليه فيه ظلما .. يرتدي دراعة من السواد ... يسود اللبس الاسود تلك الزنزانات فالكثير من هؤلاء لا يزال يبحث عن فجر جديد تشرق منه شمس الحرية ... يتسلل الخوف من المجهول الى قلوب هؤلاء ... ويظل الامل جزء من مشهد يتشح السواد .

يطلق ديدي وزملاؤه من وراء السجانين صرخة يرومون من خلالها كسر القيود والتحرر من "وهم التكفير" وفق ما يقولون .. لاشيئ يجعلنا نكفر غيرنا مازلنا في مقتبل العمر ونطمح لان نعيش حياتنا في سلام وطمأنينة، نتمنى ان نلعب ونلهو ونمرح.. تلك جوانب مفقودة في حياتنا وقد فتحنا اعيننا ونحن هنا ... دخلنا في حوار مثمر مع سلة من الفقهاء الكبار وتمخض عن ذلك تعهدات بالافراج عن التائبين العائدين الى طريق الهدى، السالكين دروب النجاة الحالمين بالعودة الى وطن هم فيه لكنهم عنه غائبون طبق بعض من نتائج الحوار ومازال منه شيئ .. انظروا الينا نحن هؤلاء مثل غيرنا من حقنا ان ننال حريتنا " يعلق ولد بزيد.

. خلال مناسبتين دينيتين افرج الرئيس الموريتاني عن مجموعتين من سلفي الحوار ، لكن الكثيرين منهم يأملون في لفتة جديدة منه وفق ما يقولون ... رممت العلاقة بين السلطات الموريتانية والكثير من السجناء منذ ان سعت السلطات الى الحوار وسيلة للاقناع ... نال الكثيرون حريتهم ومنهم من حظي باموال من الحكومة لاقامة بعض الانشطة الاقتصادية تلهيهم عن الانزلاق وراء المجهول يعلق خبير موريتاني في الجماعات السلفية.

 

ويعتبر الكثير من المتابعين لما يسمى الارهاب في المنطقة ان الحرب الاخيرة على مالي مكنت من تقليم اظافر المجموعات المسلحة، وحدت من قوتها كما ساهم الانتصار على تلك الجماعات في ايقاف المد السلفي التكفيري عند حواف الرمال البعيدة في المجابات الكبرى وهو ما يعني بحسابات استراتيجية ان الخطر ابتعد مؤقتا ما يعني ضرورة التعامل بسهولة مع المجموعات التى ثبت انها لم تحمل السلاح لنشر الفكر القتالي .. انه طرح موضوعي هذه الايام .. فالاستراتيجيات تبنى على احداث واسقاطات تنطلق من واقع على الارض... الان المكاسب حققتها جيوش المنطقة و انطلاقا من ذلك فمن الاستنتاجات المنطقية ان تخفف السلطات من وطأتها على التيارات السلفية خصوصا وان الكثيرين منهم ابرياء ما يعني ان الفرصة الان متاحة للافراج عنهم ... انهم يستفيدون من اجواء عامة تمنحهم فرصة للخلاص .

خلوة شرعية ...!

تسير الحياة بشكل روتيني ... أصبح السجن أكثر راحة من ذي قبل الجهات الحكومية مشكورة فكت عنا بعض القيود أزاحت عددا من الشبابيك والحواجز وسمحت لنا بلقاء أهلنا وبلقاء بعضنا وممارسة هواياتنا ... خففت عنا "حكم المرحلة لكنها لم تخفف "حكم المحكمة" ... يضيف بزيد القابع منذ سنوات والمحكوم عليه بثلاثة عشر سنة في قضية مقتل الأمريكي كريستوفر لكيس، يتطلع بزيد الى عفو قريب بعد أن اثبت بسلوكه انه إنسان سوي لا يحمل فكرا تكفيريا ولا ضغينة لاحد ..ومن ذلك المكان يجدد نداءاته لأولى الأمور كي يفرجوا عنه ، لا أريد أن أتجاوز أيا من أولائك الذين ساعدونا نحن السجناء بدء من رئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز، مرورا بوزير العدل و إدارة السجون و الحرس الوطني ، كان العقيد شامخ والنقيب باب والنقيب الشيخ احمد ولد حيمود رجالا يعرفون القانون يتعاملون معنا بروحه المتسامحة المتعالية على الضغائن والأحقاد المراعية لحقوق السجين، لقد أصبحت لنا أماكن أكثر فسحة داخل عنابرنا نلتقي نستريح ... نعاشر زوجاتنا في أماكن الخلوة الشرعية .. انا من هواة الخلوة الشرعية يقول بزيد مضيفا مسحة من النكتة على جو يخيم عليه الوجوم .

خلال الاشهر القليلة الماضية منحت السلطات فرصة للسجناء كي يلتقوا بذويهم من دون حجاب بعد ان ظلوا لسنوات يكتفون بالتحية من وراء الشبابيك وهي خطوة يثمنها السجناء السلفيون وهم يقولون ان تحقيق تلك الانجازات يجب ان يكتمل بقبول استنئناف من يتقدم باستئناف... لا بل بعفو رئاسي من الرئيس فالمسامح كريم يضيف بزيد.

ويستمر الفتى في تقديم الثناء لمن وقفوا إلى جانبهم في محنتهم، مشيرا إلى الأدوار التي يلعبها الحقوقيون والسياسيون حيث كان لزيارة بيرام ولد أعبيدي اثر طيب في نفوسهم وفق ما يقول بزيد ... كما كان لمواقف صالح ولد حننه وغيره من سياسي البلد دور هو الأخر في شعورنا بباب الأمل مفتوحا في الإفراج عنا.

الميدان ـ انفو