سوق صرف العملات بالعاصمة: "حلابة السماء" ومطاردة الرزق في الشوارع!!
الأحد, 14 أبريل 2013 18:22

altaltيسدون عليك الطريق والمنافذ في السوق والطرق الرئيسية المحاذية له يحركون أصابعه في ما يشبه "التسبيح والتقديس"،معظمهم شباب تبدو على ملامحهم البداوة لحداثة عهدهم بالوصول الى المدينة حيث اضرتهم الظروف لممارسة هذه المهنة.

إنهم" باعة العملات المعرفين محليا ب"الحلابة"،يطاردون لقمة العيش في شوارع وسط المدينة والسوق الرئيسي وعلى شفاههم يدور سؤال واحد" ماعندك ش مبدلو".

التحقيق التالي يعرفنا على هؤلاء الباعة ومهنتهم.

 

altalt"حلابة السماء" على الأرض!

وسط السوق المركزي بالعاصمة يوجد اكبر تجمع لهؤلاء الباعة يطلق عليه اسم "كرش البطرون" حيث الحوانيت السفلية تقريبا كلها عبارة عن صرافات في هذه السوق يملكها تجار أكبر من الباعة الصغار الذين يسمون "الصمصاره".

عندما تمر من أية نقطة قرب سوق العاصمة أو الشوارع المؤدية إليها سوف يطاردك هؤلاء متسائلين عما إذا كنت تبحث عن صرف مبلغ مالي ما وهم عادة يتفرسون في وجوه المارة ويطنون ان كل من يتزيا بالمظهر العصري وتبدو عليه النعومة قادم من الخارج  يملك مبالغ مالية اجنبية أو محلية يريد صرفها...أما المحطة الرئيسية لهؤلاء فتبقى بلامنازع هي الشارع المؤدي إلى "باسم بانك" وعلامتهم أنهم يلوحون بأديهم في الهواء في إشارة إلى طريقة حساب الأوراق النقدية مما جعل البعض يتندر عليهم بإطلاق اسم "حلابة السماء" .

في  أزقة السوق المركزي وسوق "السلام" الذي يقع شماله ستجد رجالا جالسن على الرمل أو على عتبات الحوانيت أو يتجمهرون تحت طاولة لباس أو نعل أو غيرها من الحوانيت المتحركة التي تملأ المكان ن وبعضهم قد يجلس في كرسي مستظلا ببعض الحوانيت المجاورة أو في ظل شاحنة كبيرة او سيارة صغيرة وبأيديهم حقائب صغيرة مليئة بالعملات المحلية والأجنبية.ولا يهتم هؤلاء غالبا إلا بالسؤال عن من يبيع العملات أو يشتريها وليس لهم مستوى ثقافي كبير بل إن معظمهم تجار يفهمون في لغة التجارة فقط.

altaltالواقع لايرحم!

 

سألنا بعض هؤلاء عن حالة التقشف التي يظهرون بها فقالوا إنهم في غالبهم شباب اكتووا بنار البطالة ومنهم من يحمل شهادة مدرسية أو محظرية ،ولكنهم عجزوا عن تدبير فرصة عمل فدخلوا في هذه المهنة التي لا تسمح ظروفها ودخلها اليومي بالكثير من حسن المظهر.

وأكدوا أنها مهنة صعبة ولكن لا بديل لهم عنها فهم لم يجدوا غيرها من المهن التي يستطيعون ممارستها فلا شهاداتهم أغنت عنهم او تكوينهم المحظري، وفي النهاية يضغط عليهم المجتمع بإكراهاته المادية مع ظروف الحياة. مطاردة الرزق في الشوارع!

 

وتحدث إلى بعض الباعة في السوق السوداء يقول البائع محمد المختار ولد محمد " نحن الباعة الصغار أو الصمصاره نقف باكرا على الأرصفة المحاذية للسوق الكبير ومن جهة "باسم بنك" نطالب أرزاقنا ونبدأ التلويح بإشارتنا لكل من يمر راجلا كان أم راكبا وإن حصل أحدنا على زبون يذهب به لأحد التجار الذين يتوسط لهم فيبيع له ويحصل الوسيط على نسبة مئوية في حالة أولى  وفي الحالة الثانية يتفق الوسيط على سعر مع الزبون ويكون فيه ربحه ويدفع التاجر المبلغ المتفق عليه بين الوسيط والزبون فيأخذ هذا الأخير حصته وتبقى حصة البائع لدى التاجر ليأخذها منه فيما بعد.

وهنالك أصناف من "الصمصاره" ويبلغ عددهم تقريبا 70 شخصا وهنالك تجار العملات الذين نتوسط لهم نحن في الزبناء وهنالك فئة التجار "الميلياديرات" يبيعون للتجار الأصغر وأخيرا هنالك فئة تمتهن اللصوصية ويبلغ عددها حوالي 10 أشخاص يعملون على تشويه سمعة السوق .

التأمين ..بطرق بدائية!

من أهم المشاكل التي تعاني منها هذه السوق حاليا حسب بعض العاملين فيها هي عدم ضبط حدودها والعاملين فيها وصعوبة ظروف العمل التي فيها التعرض الكثير للحر ونقص الغذاء والراحة حيث لا مكان عمل لنا الا على الشوارع وفي أزقة الأسواق، وأوضحوا أن عمليات الصرف تتم غالبا حسب ثقة الزبون في البائع مع ضرورة أن يتم ذلك لدى أحد الحوانيت يكون مرجعية في حال لاحظ الزبون تزويرا أو نقصا في الملبغ، بينما يقوم التجار بالشراء من محلات لها ثقة لديهم ويعرفون أصحابها أو من أشخاص لهم فيهم ثقة كبيرة لن ذلك هو الضمان الوحيد لمثل هذه المعاملات في السوق، مشيرا إلى أنهم قد تعرضوا في حالات معينة إلى عمليات تزوير وتلاعب من طرف بعض اللصوص في هذا السوق.طالبا من الشرطة توقيفهم إضافة إلى ضرورة مراقبة هذه السوق من طرف الجمارك.

ونوه بأن رأس مال هذه المهنة هو الثقة وحسن المعاملة.

ويتبع  المتعاملون في هذه السوق طرقا بدائية للورقة النقدية للتثبت من صحتها: أولا إذا كان البائع من القدامى ولديه تجربة والزبون مستعجل يكتفي بالاعتماد على معرفة النقوش والرموز العاكسة للضوء وغيرها من خطوط التأمين في العملات.ثانياإن لم يكن البائع من القدامى أو كان الزبون غير مستعجل فإنه يذهب بالورقة ليتأكد من صحتها تحت جهاز مراقبة سلامة العملات في أحد حوانيت هذه السوق .

وشهد شاهد...

يقول (ح.م ) المتعامل في هذه السوق منذ10 سنوات يؤكد بأن وضعية السوق جيدة حاليا والعملات الأجنبية متوفرة ولكن أسعار صرفها غالية في حين أن الأوقية متوفرة وأسعار صرفها معقولة مضيفا أن هنالك نقصا في السيولة المحلية مقابل وفرة في السيولة الأجنبية. وحول مصدر تمويل السوق بالعملات يقول إن الزبناء من الداخل والخارج هم الممول الأول لها  ولا علاقة لها بالبنك المركزي أو الصرافات مشيرا إلى أن العملة أوقية لا يوجد ربح في صرفها وان ما يعول عليه الباعة عادة في هذه السوق هو صرف العملات الأجنبية مقابل الأوقية لأن هامش الربح اكبر بكثير في عملية بيع هذه العملات.ْ

سوق صرف العملات عالم بدائي تمتزج فيه الحاجة الماسة لمصدر الرزق بالصعوبات اليومية من التعرض للروائح والشمس والعيش على قارعة الطريق وفي ازقة السوق وعتباتها، بتعب السؤال الدائم ورحلة التفرس في الوجوه وربما الذكاء الحاد في التعرف على الزبون وطرق جذبه.

نواقص كثيرة..

هذه المهنة امتصت الكثير من الشباب والكبار العاطلين عن العمل لكن في النهاية  تيقى الكثير من المصاعب تواجهها كوجود مقر مستقل وتنظيم اهلها وحمايتها من اللصوص والدخلاء وتوفير مستلزمات الراحة لعمل يومي لاينقطع في مكان راق يفترض ان يكون واجهة البلد ""مركز المدينة".

 

المختار محمد مينحن‎