ناقوس خطر قادم من المجهول!
الجمعة, 29 مارس 2013 22:01

altaltشاب موريتاني بكفاءة يحتاج إليها البلد يقضي في حرب عبثية لا مبرر لها غير حجج أوهى من بيت العنكبوت أمام أول هجمة عقل أو ومضة منطق أو رياح موضوعية..

منذ عقود والدولة الموريتانية تعمل على إنتاج مشاريع انتحاريين من خلال سياسة التجهيل المنتهجة وسياسة إحباط الشباب من ذوي الكفاءات بتهميشهم وتسفيه عقولهم وفكرهم في نكوص تام عن الدور التقليدي للدولة بوصفها إطارا يجمع أفرادا لهم مشاريع متعددة تتمدد خيوطها في كل اتجاه من الاجتماعي إلى الاقتصادي وإلى السياسي ..إلخ و هو ما يستدعي وقفة تأمل و مراجعة للطريق الذي يقودنا للمجهول في ظل حكام ألهاهم البذخ و الصفقات المشبوهة و ابتزاز رجال أعمال ليسوا أقل منهم صفاقة و وقاحة في امتصاص دم هذا الشعب و تحويله إلى علبة كبريت لا يحول بين العود/الفرد فيها و بين الاشتعال سوى مغازلة أو شرر يتلبس لبوس الدين و الدين منه بريء براءة الذئب من دم ابن يعقوب..

 

إن الأوضاع المزرية للشباب و الإحباطات المتتالية تجعل من السهل أن تجذبهم نار التطرف و الغلو لأسباب شتى منها ما هو اقتصادي و منها ما هو اجتماعي و نفسي و منها ما هو ديني نظرا لثقافة السلفية التي تنتشر بشكل واسع في المجتمع و هي ذات الثقافة التي تتكئ عليها الحركات الإسلاموية المسلحة في تنظيرها الفكري و إن كانت تفسرها بشكل أعرج لكن وحدة المنبع هنا ستكون لها ظلال على المنحدرين من هذا المجتمع البدوي المنهوك و الطيب!

 

الفشل الموريتاني لا يحتاج إلى بصيرة لإدراكه لأنه يفرض نفسه واقعا يصرخ بصوت عال و ليس وجهة نظر قابلة للأخذ و الرد فموريتانيا في آخر التقارير ما زالت تحتفظ بمرتبتها كأفقر دولة عربية وراء اليمن و الصومال رغم أن هذه مفارقة و ليست مفاجأة, مفارقة لأن دولة لا يتعدى سكانها 3 ملايين نسمة تمتلك شواطئ غنية و ثروات منجمية متنوعة كبيرة و تنوعا عرقيا و ثقافيا غنيا و نهرا دفاقا و هي همزة وصل بين شمال إفريقيا و غربها مع ذلك فهي أفقر دولة في المنطقة..

 

وحين أقول إن هذا ليس مفاجأة لنا ذلك أن الفقر يشاهد يوميا راكضا في كل الشوارع يمارس رياضته المفضلة في إلصاق بطون الناس بظهورهم أو مطلا من كل الأكواخ و على كل الوجوه المارة من هنا في رحلتها الموجعة!

 

التطرف و الغلو له أسباب اقتصادية فحين لا يستطيع المواطن أن يحيا بكرامة في بلده من خلال عمل شريف بين أهله و حين يصبح ذليلا في أرضه تتلاعب به أياد عابثة لا تقيم لوجوده وزنا فإنه سيفكر في طريقين إما الانتحار أو معاقرة الأفكار الشاذة و المتطرفة.. هناك أيضا أسباب اجتماعية فالمجتمع المادي الذي تقدر فيه قيمة الفرد بما يملك فمن يملك دولارا واحدا يساويه و من يملك مليارا يساويه لا شك أن أفراده سيبحثون عن رفع قيمهم المضافة مهما كانت السبل منحرفة و كلفهم ذلك اللهاث وراء الموت مع أولئك الجزارين.

 

الجهل كذلك من الأسباب التي تجعل البعض يتلاعب بعقول البعض من خلال قراءات عرجاء للموروث الديني و تفسيرات متطرفة لرسالته النبيلة و تعاليمه السمحة و هذا ما يجعل من الضروري تحصين المجتمع و الشباب من هذه الانحرافات الخطيرة جدا. الغبن و التهميش الذي تتعرض له الشرائح المظلومة تاريخيا في المجتمع إذا لم يؤخذ بعين الاعتبار فقد ينفجر بركانا من الصراعات الاجتماعية التي ستأخذ أشكالا عدة يصعب التكهن بها و بمآلاتها المستقبلية في مناخ مشحون بالأزمات و قد يجعل المنحدرين من هذه الشرائح يلوذون بحركات متطرفة بعد أن أغلقت أمامهم الأبواب في وطنهم الرهينة..

 

إذا لم تتدارك الدولة هذه الحرائق التي تندلع في أوراح الشباب فلا شك أن هذه الحرائق لن توفر موريتانيا نفسها و حينها سيكون دور الطبيب عبثيا بعد الموت..

 

إنه ناقوس الخطر يدق و لكن هل من آذان تصغي أم القصر الرمادي و ما جاوره لا يسكنه إلا الطرشان؟!

 

 

توقيع: الشيخ نوح