ويبقى السياسيون!؟
الخميس, 28 مارس 2013 22:21

 بقلم: مينه منت التهامي بقلم: مينه منت التهاميفي بلد كموريتانيا تتحكم فيه العواطف والأمزجة؛ وتُتجاوز فيه الضوابط والمفاهيم؛ ليس غريبا أن يهاجمك الكثيرون عن غير قصدٍ حينا، وعن قصدٍ وسبق إصرار وترصد أحايين أخرى مبخسين هذه المهنة وذاك التوجه.

ومن نافذة القول؛ إن القدح والاستخفاف والألفاظ الجارحة والأحكام المسبقة تصدر في العادة من غير ذوي الاختصاص والأمثلة شاهدة هنا وهناك.

 

وفي هذه الوضعية الضبابية التي يختلط فيها القول بالتقول؛ ويلبس فيها النقد لبوس العداوة؛ من البديهي أن ينال السياسيون نصيبا وافرا من التجني في بلدٍ الجميع فيه متسيسون أو هكذا يحبذ عندهم.

 

من المخجل جدا؛ أن يكون السياسيون شماعة يعلق عليها الآخرون فشلهم.. فعندما لا تروق لأحدهم قضية ما، ويريد الازدراء بها يربطها بالسياسة؛ كأن يعجز شاعر عن الإجابة علي سؤال حول واقع الشعر؟ أو يستعصي عليه مطلع القصيدة؛ فذالك لأن السياسة حرمته من "وجود المطلع"؛ِ وعندما يعجز المتظلمون عن الحصول علي مطالبهم المشروعة فالأمر عائد بالضرورة إلي رداءة السياسيين.

 

ورغم هذا الافك؛ يبقي السياسيون وحدهم القادرون علي البوح والتميز في هذا البحر اللجي المليء بالفاشلين والسائرين في فلكهم.

 

أنا هنا.. لست بصدد الدفاع عن طبقتنا السياسية التي يؤخذ مها ويُرد والتي ينخروها ـ كما هو حال كافة مناحى الحياة عندنا ـ الأدعياء وأصحاب أنصاف المواقف؛ والواقع أن السياسيين في أي بلد هم انعكاس طبيعي لما يعيشه المجتمع؛ فلو وُجدت أحزاب تحمل برامج مجتمعية وتزرع الثقافة الحزبية وترسخها في صفوف مناضليها، لما تحولت السياسة عندنا ـ هذا الفن الرائع ـ إلي فضاء لاحتواءِ قوافل الجُهَل والفاشلين، ممن ينظرون إلي السياسة باعتبارها وسيلة وليست غايةً؛ ولكونها "بقرة حلوبا" يستدر ضرعها لارتواء مواقف متحولة بعدد أهواء ممارسيها؛ وعندما لا يتحقق لهذا الصنف من البشر أهدافهم وغاياتهم من خلال الحصول علي مكاسب شخصية أو مصالح ضيقة تثور ثائرتهم و "يعقرون ناقة صالح".

 

السياسة يا هؤلاء؛ هي فن الممكن والسهل الممتنع ومهنة العقلاء لا الأغبياء؛ وفي التاريخ شواهد حية لسياسيين بارزين سطروا أسمائهم بـ"المواقف والسجون والتضحيات"، وليس بـ"النفاق وبيع المواقف وتمجيد الحُكام والتخلي عنهم لحظة أفول نجمهم.

 

صحيح أنه في موريتانيا سياسيون من النوعين سالفي الذكر؛ في الموالاة والمعارضة وما بينهما، ولا يجوز بحال من الأحوال أن ننساهم أو أن يذوبوا في معمعان "الميوعة السياسية"؛ بل يجب أن نحفظ لهم في الذاكرة الجمعية أنهم ضحوا وقارعوا الأنظمة الدكتاتورية كي يكتب لنا "التعدد الديمقراطي".. وذات الشيء يمكن إسقاطه علي أولئك الذين عملوا علي النقيض؛ عندما أرادوا لنا أن لا نكون مقابل ديمومتهم وبقائهم متحكمين في رقابنا محاولين اليوم جرنا إلي الماضي ناسين أو متناسين أن "الرأس مهما تأخر لا يكون ذنبا" والعكس صحيح.

 

بقلم: مينه منت التهامي