موريتانيا: عودة الأمل باحتمال استئناف مسار نيسان بين النظام والمعارضة الجادة
الأربعاء, 28 أكتوبر 2015 01:54

altaltبعثت تصريحات أدلى به الرئيس الدوري الجديد لمنتدى المعارضة الموريتانية لإذاعة فرنسا مضافة لبيان مرحب بتلك التصريحات أصدرته اللجنة المكلفة بالحوار في الأغلبية الرئاسية، بعث هذا كله أمس أملا جديدا في الساحة الموريتانية باحتمال قبول النظام العودة لمسار إبريل الممهد للحوار الذي تشترطه المعارضة والذي تخلت عنه الأغلبية فجأة في أيلول/سبتمبر الماضي واستبدلته بأيام تشاورية.

ومع أن تصريحات رئيس المنتدى لم يرد فيها، حسب تأويلات أوساط المعارضة، أي جديد خارج عن الموقف الذي أبلغته المعارضة للحكومة، فإن المراقبين هنا مجمعون على «أن لا دخان من دون نار، ويرون أن بيان الأغلبية دال على تطور جديد في الموقف السياسي قد يكون ناجما عن وساطات داخلية وأخرى خارجية، أقنعت الأغلبية بأن أي حوار ينظم من دون المعارضة الجادة لن يكون له تأثير كبير».

ولم تعلن الحكومة الموريتانية عن بدء الحوار اليوم الإثنين، كما كان متوقعا، بل إن الدلائل تشير إلى إرجائه للمرة الثالثة ما يدل على أن السلطات حريصة على التحاق المعارضة الجادة بحوار يبدو أن النظام الحاكم في موريتانيا يسعى من ورائه لتغييرات كبيرة لا بد فيها من الإجماع.

وكان المحامي أحمد سالم ولد بوجبيني الرئيس الدوري لمنتدى المعارضة قد أكد في تصريحاته لإذاعة فرنسا الدولية «أنه إذا كانت لدى النظام الرغبة الحقيقية في استئناف الحوار الجاد الذي ينتظره جميع الموريتانيين، فإن عليه ليظهر حسن النية، والشعب شاهد، أن يعود لاتصالاته ومفاوضاته مع المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة، ونحن في المنتدى ننتظر جوابه».

لم يتأخر جواب الأغلبية على هذه التصريحات حيث أكدت اللجنة المكلفة بالحوار في الأغلبية الرئاسية في بيان توصلت «القدس العربي» بنسخة منه «أنها تلقت بارتياح التصريحات التي أدلى بها مؤخرا الرئيس الدوري للمنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة بخصوص الحوار، والتي نعتبرها إيجابية ونتمنى أن تكون جادة».

وأكدت الأغلبية الرئاسية «أنها ترحب بهذه الإرادة التي عكستها هذه التصريحات»، مبرزة استعدادها المبدئي والدائم للحوار وفق الشكل والصيغة التي تتفق عليها الأطراف الوطنية».

وشددت الأغلبية على «قناعتها الراسخة بأن الحوار يظل الطريق الأمثل للتعاطي مع الشأن السياسي الوطني».

جاء هذا التصريح وهذا البيان ليحركا المشهد وكأنهما بالفعل حجر ضخم ملقى في نهر راكدن، حيث انتعشت آمال جديدة بخصوص إقبال المشهد السياسي الموريتاني على حراك جديد قد يؤدي للتوافق حول حوار وطني جاد وشامل.

غير أن هذه المواقف الجديدة التي تشكل بالفعل مقدمة لتطورات مرتقبة خلال الأسبوع الجاري، قد حيرت وأذهلت صقور منتدى المعارضة المتمسكون بشروطها، وهم بالأساس نشطاء حزب تكتل القوى بزعامة أحمد ولد داداه، حيث بادروا بنشر تدوينات تؤكد أن لا شيء جديدا في تصريحات الرئيس الدوري للمنتدى.

وأكد المحامي إبراهيم ولد أدي في تدوينة له «أن حزب تكتل القوى الديمقراطية متمسك بالعريضة التي وجهها المنتدى إلى السلطة والمتضمنة ممهدات الحوار، ووجوب أن تقدم الحكومة ردا مكتوبا على ما تضمنته تلك العريضة، والاستجابة للممهدات، كشرط للدخول في أي حوار مع السلطة».

وأضاف «خارج هذا يعتبر حزب التكتل أن ما يعد له النظام مهزلة وليس حوارا، وبالتالي لن يشارك الحزب فيه».

وفي موقف آخر اعتبر القيادي المعارض محمد الأمين الفاضل في تعليق له على بيان الأغلبية «أن الرسائل الإيجابية التي حملها هذا البيان عديدة تشمل المناسبة والتوقيت والجهة الموقعة، كما تشمل لغة وأسلوب ومضمون هذا البيان الذي حمل الكلمات ذات الشحنة الإيجابية، التي لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يتم تفسيرها أو تأويلها بشكل سلبي».

وقال «الأغلبية الرئاسية أرادت من بيانها هذا أن تقول بلغة سياسية فصيحة وصريحة بأنها على استعداد لتستأنف الحوار من حيث انتهى، وبأنها لم تعد متمسكة باللقاء التشاوري ولا بتوصياته ولا بمواعيده».

وأضاف الفاضل «في اعتقادي بأن هذا البيان الإيجابي من «الأغلبية الرئاسية» يستوجب ردا إيجابيا وعاجلا من المنتدى، ومع ذلك فلا بد من القول بأن «الأغلبية الرئاسية» أو السلطة الحاكمة لا يكتفى منها بمجرد بيانات إيجابية، وإنما يجب عليها أن تقوم بخطوات عملية وملموسة تؤكد توجهها الإيجابي، على العكس من المنتدى، والذي قد يكتفى منه بأن يعبر عن حسن نيته وعن استعداده للحوار، وذلك لأنه لا يملك، على العكس من السلطة، سوى التعبير عن تلك النية الحسنة وعن ذلك الاستعداد الجدي للحوار».

«إن على «الأغلبية الرئاسية»، يضيف القيادي المعارض، أن تقوم بخطوات ملموسة تؤكد من خلالها بأن ما جاء في بيانها الأخير لم يكن مجرد كلام للاستهلاك السياسي، وإنما هو كلام جاد يعبر عن إرادة صادقة تسعى فعلا إلى تنظيم حوار جدي وشامل يشارك فيه الجميع».

وقال «إذا كانت «الأغلبية الرئاسية جادة وصادقة في بيانها الأخير، فإن الكثيرين من داخل المنتدى ومن خارجه سيدعمونها في توجهها هذا، وسيساعدونها في تذليل كل الصعاب من أجل تنظيم حوار جدي وشامل يشارك فيه الجميع، أما إذا كانت غير جادة في بيانها الأخير، وإذا كانت ما تزال على عهدها القديم الساعي إلى تفكيك المنتدى، وإلى جر هذا الشخص المعارض أو ذاك إلى حوار عبثي جديد يزيد من تعقيد الأزمة، فإذا كانت «الأغلبية الرئاسية» ما تزال على ذلك العهد فعليها أن تعلم بأنها لن تنجح في مسعاها، وبأنها ستظل تنتقل من فشل إلى فشل».

وقال «على الأغلبية الرئاسية» أن تحدد هدفها الذي تريد، فإن أرادت حوارا جادا وشاملا فستجد الكثير من الموريتانيين من داخل المنتدى ومن خارجه يعينونها في مسعاها هذا، وإن أرادت أن تستمر في حواراتها العبثية والأحادية فسيكون لها ما أرادت، ولكن عليها أن تعلم بأن يد الساعين إلى الحوار في المنتدى لن تظل ممدودة دائما وأبدا».

وفي افتتاحية علق فيها على المواقف الجديدة، أكد موقع «الطوارئ» الموريتاني الإخباري المستقل «أن الأمور تسير في الطريق الإيجابي وعلي جميع الأطراف أن تحافظ على هذه الروح وتدافع عنها ضد معارضي الحوار من الطرفين».

وأضافت «حان القوت لأن نقول للذين يرفضون الحوار من دون سبب وجيه أن موريتانيا يجب أن تكون فوق كل الاعتبارات الضيقة، وآن للذين يضعون العراقيل والعقبات والمؤامرات الدنيئة ضد مسعى يطالب به الشعب الموريتاني أن يتوقفوا عن خططهم الخبيثة لإفشال الحوار من الداخل».

وتابع موقع «الطوارئ» افتتاحيته مؤكدا «أن على الجميع أن يعمل لإطلاق القطار بسرعة من خلال استئناف اللقاءات التمهيدية بين الأغلبية والمنتدى وتوسيعها إلى المعاهدة للاتفاق بسرعة على صيغة توافقية لمسار الحوار الحقيقي».

هذا وتضاربت تحليلات المراقبين والمدونين للرسائل التي تضمنها بيان الأغلبية فمنهم من ذهب عكس المتداول، إلى أن سبب ترحيب الأغلبية علاقات مخفية للسلطة مع الرئيس الدوري الجديد لمنتدى المعارضة والنقيب السابق للمحامين أحمد سالم بوحبيني.

وعلى هذا الأساس يرى هذا الفريق أن الأغلبية اختارت فترة رئاسة المحامي بوحبيني للمعارضة لتطلق ديناميكية استئناف الحوار مع المعارضة، وذلك لتحقيق أحد هدفين إما تنازل المعارضة عن شروطها المجحفة وإما انقسام المنتدى لطرفين ملتحق بركب الحوار وباق على المقاطعة.

ويرى محللون آخرون صرحوا لـ»القدس العربي» وطالبوا بحجب أسمائهم «أن النظام الموريتاني يوجد حاليا في ورطة حيث أعلن أنه قبل نهاية شهر تشرين الأول/أكتوبر الجاري، سيشرع في الحوار مع من حضر وما دام الشهر قارب نهايته وتيقنت الأغلبية أن موقف المنتدى لم تهزه هذه التهديدات وأنها إذا دخلت في حوار مع من حضر فسيكون ذلك مهزلة خطيرة لأن النظام يريد الخروج من هذا الحوار بتوصيات مصيرية منها مثلا ما يتعلق بتغيير نظام الحكم وهو يخاف من حدوث هزات عنيفة إذا هو وصل لمرحلة تطبيق هذه التوصيات».

ويضيف هؤلاء «أن الأغلبية قررت التريث في تنظيم الحوار ولذا قفزت من دون مبرر على كلام ولد بوحبيني لحفظ ماء وجهها ولتبرير التأجيل».

ولا يستبعد هؤلاء المحللون «وجود احتمال آخر ضعيف، يتعلق بوجود اتصالات عبر وسطاء داخليين وخارجين أدت إلى تقارب يعود له بيان ترحيب الأغلبية بتصريحات رئيس المنتدى المعارض».

عبدالله مولود/ القدس العربي