الحركة الشعبية الموريتانية : لننقذ الحوار الوطني!
السبت, 24 أكتوبر 2015 01:22

altaltما يزال الحوار الوطني مشلولا، بسبب مشادات القادة السياسيين، الذين فشلوا حتى الآن في المواءمة بين أهدافهم الخاصة وبين مصالح البلد، على الرغم من كون الحوار يمثل الحل الأمثل لهذه المشكلة، فإنه بمجرد جلوس الأطراف على مائدة 

المفاوضات من أجل إنقاذ البلد، تتضافر الجهود حول تحقيق هذا الهدف المشترك، وتتحد قدرات المتحاورين لتشكّل رصيدا كبيرا يوضع في حساب الأمة. لكن الذي جرى حتى الآن، مع الأسف، هو عكس ذلك تماما. 

حيث أن كل كتلة سياسية تستنفد رصيدها لمصلحتها الذاتية، في مواجهة الكتل الأخرى، ولا تلقي بالا لأمور الصالح العام التي قد تجمعها مع الآخرين.

فينتج عن ذلك ضعف الأمة، لتصبح بموجب ذلك عرضة للأزمات. أما آن للكتل السياسية أن تسلك، من خلال الحوار، نهج الوحدة الوطنية، سبيلا إلى استقرار البلد و خروجه من أزماته؟ بلى، فعندئذ سيرون بأم أعينهم أنه بإمكانهم الالتقاء حول الكثير. فتكون مائدة الحوار منطلق إجماع ومصدر إلهام لصناعة السياسة الوطنية، فتتقوى الأمة بتوافق المتحاورين.

الأمل في غد أفضل  

لا شك أن موريتانيا تمر اليوم بمرحلة صعبة، لكن ذلك لا يمنع من استشراف غد أفضل. فلنذهب إلى الحوار بأمل وبتسامح وانفتاح! ستتعدّد المقترحات وتتباين الآراء، لكن تجب مناقشة الأمور بعيدا عن الفئوية.

لا مخرج غير الحوار

ما من شك في أن الحوار هو النهج الأمثل لرسم السياسة الوطنية.     

  ولا مراء في أن موريتانيا تعيش أزمات متعددة وأن الكل يوافق على أن الحوار الوطني هو السبيل الوحيد للخروج منها. لكن هنالك من يسعى إلى الحوار من أجل المصلحة العامة، وهنالك من يدعي أنه يهدف للحوار، لكنه في الواقع لا يطمح إلا لتحقيق مآرب تخصه، كالذين يعرقلون الحوار اليوم بدوافع تتعلق بحرصهم على الزعامة، حتى ولو أدى ذلك إلى تدمير البلد. إن الحوار الصريح والجاد هو السبيل الوحيد لإنقاذ بلدنا، ومن يزعم غير ذلك يطلق العنان لتفكيك الدولة الموريتانية ومقوماتها.

الحوار الوطني الجاد

وهو الحوار من أجل هدف واحد يتمثل في ضمان المصالح العليا للأمة وصون وحدتها، حتى ولو اختلف المتحاورون حول سبل تحقيق ذلك.

ففي الحوار الجاد يحق لكل طرف أن يقدم اقتراحاته وأن يقبل أو يرفض اقتراحات الآخرين، في حدود احترام المؤسسات الدستورية. لكن لا يجوز لأي طرف أن يجعل من تغيير المؤسسات القائمة شرطا للجلوس على مائدة الحوار. فتغيير المؤسسات القائمة قد يكون من ضمن مخرجات الحوار الوطني، لكن لا يعقل أن يشترط لإجرائه.

مخاطر رفض الحوار

إن حوار "الطرشان" بين المعارضة والأغلبية، الذي جعل من المستحيل تحديد معايير الحوار الوطني والتفاهم حولها، وضع موريتانيا على كف عفريت. فالأزمات تفاقمت بسبب رفض الحوار وإذكاء نار الفتن.

المجتمع يتفكك إذا افتقد اللغة المشتركة

تقول نظرية الهندسة الاجتماعية أن الاجتماع لا يقوم إلا باللغة المشتركة، وهي المفاهيم التي تتقاسمها المجموعة، والتي تجعل الحوار ممكنا. وفي حالة غياب هذه القدرة على الحوار، يفقد المجتمع نظامه ويتفكك بسرعة. إن نهج الاختلاف، الذي يعرقل الحوار ويسعى لمنعه، ويجعل من ميزان التحيز معيار المواقف السياسية، هو فيروس اختلال المجتمعات. وهذه هي مصيبتنا. لم نعد نتفاهم بين بعضنا، فصار لكل منا فهمه الخاص للدولة وللرئيس وللدستور وللشعب وللمعارضة وللأغلبية وللحوار ولممهدات الحوار... وصرنا نتخاصم كالطرشان.

حوار المؤازرات، لا حوار المناورات

إن موريتانيا اليوم في أمس الحاجة إلى حوار وطني صريح. دعونا من التلهي بمناورات الحوار. وإذا كانت الطبقة السياسية لا تريد التفاهم، فليأخذ الشعب مبادرة الحوار، ليتلافى نبذ بلدنا في مزبلة التاريخ !فهل سنتدارك الأمر أم أننا سننتظر حتى تٌصلب موريتانيا على حائط الأزمات الإفريقية، ويؤخذ بأيدينا إلى عاصمة أجنبية، ليملى علينا اتفاق رغم أنوفنا؟ فهل نرضى لوطننا بذلك؟

توسيع الحوار

ينبغي توسيع نطاق الحوار حتى يشمل الوجهاء وقادة الرأي وجميع أطياف المجتمع المدني والنقابات، ليتسنى لكل هؤلاء القيام بدورهم كاملا في تقريب وجهات النظر. يجب على كل مواطن حث جيرانه وأصدقائه وأقربائه على قبول حوار جامع، على أساس من احترام الاختلاف، من أجل المصلحة العليا للأمة.

المخرج الوحيد من أزماتنا

إن أهمية الحوار السياسي الوطني تنبع من كونه يمثل المخرج الوحيد من أزماتنا. على زعمائنا السياسيين أن يعوا جيدا أن فشل مسار الحوار الوطني سيٌحسب عليهم جميعا، بلا استثناء، وأنه سيفقدهم مصداقيتهم أمام مناصريهم وحلفائهم. ولو فشل مسار الحوار الوطني، لا قدر الله، فلن يخسر السياسيون بمفردهم، لكن موريتانيا ستوضع على حافة الهاوية.

نواكشوط، 21/10/2015

الرئيسة صفية منت بارداس